عقيدة
الشيعة في نيابة الامام في حال الغيبة
للشيعة اعتقاد خاص في موضوع من ينوب عن الامام
الغائب عندهم، ويأتي ذلك من العقيدة التي يعتقدها الشيعة أن إمامهم الثاني عشر
والغائب الغيبة الكبرى لأسباب خاصة يطول ذكرها، لكن في حالة غياب الامام يقول
الشيعة الامام لم يترك الامة دون امام يقودهم إلى جادة الصواب، فقرروا مسالة نواب
الامام. يقول محمد رضا المظفر في كتابه [عقائد الامامية]
حول عقيدتهم من ينوب عن الامام الغائب: "وعقيدتنا في المجتهد الجامع
للشرائط([1]) : إنّه نائب للإمام
عليه السلام في حال غيبته([2])، وهو الحاكم والرئيس
المطلق، وله ما للإمام في الفضل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد
على الامام، والراد على الامام راد على الله تعالى، وهو على حدّ الشرك بالله، كما
جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليهم السلام([3]). فليس
المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً في الفتيا فقط، بل له الولاية العامة([4])، فيُرجع إليه في
الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصّاته لا يجوز لاَحد أن
يتولاّها دونه، إلاّ بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلاّ بأمره وحكمه([5]). ويرجع إليه أيضاً في
الاَموال التي هي من حقوق الامام ومختصّاته([6]).
وهذه المنزلة أو الرئاسة العامّة أعطاها الاِمام عليه السلام للمجتهد الجامع
للشرائط؛ ليكون نائباً عنه في حال الغيبة، ولذلك يسمّى «نائب الاِمام»([7]). أ هـ.
إن كلام محمد رضا المظفر له دلالات كثيرة الصغيرة منها تهدم صرح العقيدة الإسلامية التي وصلتنا في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فهو يصرح بأن المجتهد الجامع للشرائط يكون نائب عن الامام الغائب حال غيبته كما هو الحال الان، ولا نعلم من أين أتوا بهذا التقعيد، ثم قال " وهو الحاكم والرئيس المطلق"، وهنا نكتة كبيرة مفادها أن الحكومات التي نصبت رؤساء ووزراء وبرلمانين ليس لهم من الامر شيء سوى أنهم اتباع عن نائب الامام، وعليهم السمع والطاعة المطلقة التي إن خالفها فقد خالف الامام، ومن خالف الامام فقد خالف أمر الله تعالى بالضرورة، وهذا من أعجب العجب، لان هذا التقعيد لم يُذكر لا في كتاب ولا في سُنة معتبرة، إنما هي استنباطات وإجراءات وقائية حادثة جاءت لضرورة الزام عامة الشيعة بالولاء المطلق دون سؤال ولا اعتراض، وذلك لما نسبوا من التخويلات الكبيرة التي هي من حق نائب الامام مثل، الحكم والفصل والقضاء، وإقامة الحدود والتعزيرات، والاَموال التي هي من حقوق الامام ومختصّاته، والرئاسة العامّة أعطاها الاِمام عليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط، فهذه الأمور كلها لا يجوز لاَحد أن يتولاّها دونه، إلاّ بإذنه. وهذا يعني أن ليس لاحد كبير او صغير رئيس أو وزير، شريف أو حقير أن يهمس ولو بحرف بنية النقد عوضاً عن الاعتراض، وهذه بلية ليس بعدها بلية، وذلك أن هذه التخويلات لا يمكن ان تكون لشخص بمجرد أن هناك إمام غائب أعطاه كل هذه التوكيلات، ولو سولت للواحد منهم نفسه وتسائل، كيف ومتى وأين التقى هذا النائب بالغائب كي يعطيه كل هذا التخويل فلن تجد إجابه سوى قصص جدتي والسعلوة أو حدثني قلبي عن ربي أو وساس الشيطان واضغاث الاحلام. بل لا تجد لمعنى التوحيد والنبي ولا الرسالة معنى إنما هو دين جديد يتجدد وينشطر كلما دعت الحاجة.
من هو المجتهد الجامع للشرائط
المطلع في الفقه الشيعي يعلم الاعتبار للمجتهد الجامع للشرائط هو المرجع الديني الذي يستوفي جميع الشروط اللازمة للاجتهاد، ويتمتع بالقدرة على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأصلية والمفروض (القرآن، السنة، العقل، والإجماع). هذا المجتهد يكون مؤهلاً لتقليده من قبل المكلفين (أي الأشخاص الذين يتبعون فتاواه في أمورهم الدينية والدنيوية).
شروط المجتهد الجامع للشرائط([8]) :
1. الاجتهاد:
أن يكون قادرًا على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها.
2. العدالة:
أن يكون متصفًا بالتقوى والورع والالتزام بالأخلاق الإسلامية.
3. العلم:
أن يكون على دراية واسعة بالعلوم الإسلامية مثل الفقه، الأصول، التفسير، الحديث،
وغيرها.
4. القدرة
على القيادة: أن يكون قادرًا على إدارة شؤون المجتمع الإسلامي وتوجيهه.
5. الذكورة:
وفقًا للرأي السائد عند الشيعة، يجب أن يكون المرجع رجلًا([9]).
6. الشرط الزمني: أن يكون حيًا في وقت التقليد (أي لا يجوز تقليد مجتهد ميت إلا في حالات خاصة)([10]).
من هو المجتهد الجامع للشرائط اليوم؟
وفي
الوقت الحالي، هناك عدة مراجع دينية شيعية يعتبرون مجتهدين جامعين للشرائط، ويختلف
الشيعة في تقليدهم وفقًا لاختياراتهم الشخصية. ومن بين هؤلاء المراجع:
1. السيد
علي الخامنئي (قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية خليفة الخميني).
2. السيد
علي السيستاني (في النجف، العراق).
3. الشيخ
ناصر مكارم الشيرازي (في إيران).
4. السيد
محمد سعيد الحكيم (في النجف، العراق).
5. السيد
محمد حسين فضل الله (كان مرجعًا لبنانيًا معروفًا، توفي عام 2010).
ومن
المعلوم أيضاً أن الشيعة يختار المكلفون منهم مرجعهم بناءً على ثقتهم به ومعرفتهم
بمستوى علمه وعدالته، كما أن هناك اختلافات في الرأي حول بعض الشروط مثل شرط
الذكورة أو شرط الحياة، حيث يرى بعض العلماء جواز تقليد المرأة المجتهدة أو
المجتهد المتوفى في حالات معينة ذكرناها([11]).
مصادر عامة عن الفقه الشيعي يمكن الرجوع اليها
- كتاب "جواهر الكلام" للشيخ محمد
حسن النجفي، وهو من أهم الموسوعات الفقهية الشيعية.
- كتاب "المكاسب" للشيخ مرتضى
الأنصاري، الذي يُعتبر مرجعًا أساسيًا في الفقه الاستدلالي.
- مواقع الحوزات العلمية: مثل موقع "شبكة
الإمامين الحسنين" (https://www.imamhussain.org)
وموقع "مركز الأبحاث العقائدية" (https://www.aqaed.com).
([1])
المجتهد
عند الشيعة ينقسم إلى: مجتهد مطلق ومتجزئ، فالمجتهد المطلق هو: (الذي يتمكّن من
الاستنباط في جميع أنواع الفروع الفقهية)، والمجتهد المتجزئ هو: (القادر على
استنباط الحكم الشرعي في بعضها دون بعض).
([2])
انظر: (عقيدتنا في الاجتهاد) محمد رضا المظفر: 14.
إنّ الاِمام محمدً المهدي ابن الامام الحسن العسكري وهو خاتمة الاَئمة الاثني عشر كانت له غيبتان:
الاَولى: تسمى بالغيبة الصغرى: ابتدأت في السنة التي توفّي فيها والده
الامام العسكري عليه السلام عام 260 هـ، وانتهت عام 329 هـ وكان له فيها سفراء
أربعة هم:
أولاً: عثمان بن سعيد العمري الاسدي، وقد كان وكيلاً للإمام الهادي، ثم للإمام
العسكري، ثم للإمام محمد المهدي عليهم السلام.
ثانياً: محمد بن عثمان بن سعيد العمري الاسدي، حيث قام بأمر السفارة بعد
وفاة أبيه مدّة تقارب الاَربعين عاماً حتى وفاته عام 305 هـ.
ثالثاً: الحسين بن روح، حيث قام بأعباء السفارة المقدّسة منذ وفاة محمد بن
عثمان العمري حتى وفاته عام 326 هـ.
رابعاً: علي بن محمد السمري، وهو آخر السفراء الاَربعة، وقد قام بسفارته
لمدّة ثلاث سنوات انتهت بوفاته في 15 شعبان 329 هـ.
والمعروف أنّ هؤلاء السفراء الاَربعة دفنوا بأجمعهم بعد وفاتهم في مدينة
بغداد، ومشاهدهم معلومة مشهورة إلى يومنا الحاضر.
والثانية: الغيبة الكبرى: ابتدأت بتاريخ 15 شعبان 329 هـ بوفاة السفير
الرابع، الذي قال عندما سئل عمن يخلفه بهذا الاَمر: (لله أمر هو بالغه) وفيه بيان
لما أعلمه به الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه ببداية الغيبة الكبرى المستمرة
إلى يومنا هذا، حيث اصبحت نيابة الاِمام في عصر غيبته موكولة إلى المجتهد الجامع
للشرائط المبسوطة في كتب الفقه.
وفي ضوء ما سبق من تعريف الاجتهاد نجد أنّ عملية الاستنباط التي تعني
(تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديداً استدلالياً) وتأتي ضرورة الاجتهاد
لبداهة أنّ الانسان - بحكم تبعيته للشريعة المقدّسة، ووجوب امتثال أحكامها - ملزم
بتحديد موقفه العملي منها، ولمّا لم تكن أحكام الشريعة - غالباً - من البداهة
والوضوح بدرجة تغني عن إقامة
الدليل، فليس من المعقول أن يحرم الناس جميعاً تحديد الموقف العملي تحديداً
استدلالياً، ويحجر عليهم النظر في الاَدلّة التي تحدّد موقفهم تجاه الشريعة،
فعملية الاستنباط إذن ليست جائزة فحسب، بل من الضروري أن تمارس، وهذه الضرورة تنبع
من دافع تبعية الانسان للشريعة، والنزاع في ذلك على مستوى النزاع في البديهيات،
وقد مرّت - كلمة الاجتهاد بمصطلحات عديدة في تاريخها بحيث ألقت ظلال تلك المصطلحات
عليها، وأصبحت مثاراً للاختلاف نتيجة الغموض والتشويش، ولم تستقر في مدلولها اليوم
حتى تجاوزت مراحل من التطورات في مفهوم اصطلاحها. انظر: المعالم الجديدة للاصول:
السيد الشهيد الصدر قدس سره: 23 وما بعدها. وللمزيد من الاطلاع على ما يخص الغيبة
راجع تاريخ الغيبة الصغرى للسيد محمد الصدر: 395 الفصل الثالث (السفراء الأربعة
حياتهم ونشاطهم).
([4])
(ولاية الفقيه) تعبير عن السلطة الشرعية والسيادة القانونية للمجتهد الجامع
للشرائط، الذي يعتبر امتداداً لرسالة الامامة، ولم تكن من مستحدثات العصور
الحديثة، بل إنّ تأصيل هذه النظرية يمتد بجذوره إلى عصر صدر الاسلام وعصور
الاَئمّة المعصومين عليهم السلام، وهي في امتدادها للإمامة تماثلها من حيث الوظائف
العامة وتفترق عنها بما يتّصل بالنص الخاص على كل فقيهٍ فقيه، وبالعصمة الموقوفة
على النبي صلى الله عليه وآله والاَئمّة الاثني عشر من بعده عليهم السلام، حيث أنّ
العصمة والنص من المختصات للمعصومين عليهم السلام.
ولا بد من معرفة الحكمة من هذه الولاية العامة في عصر الغيبة، فهي تعني
قيام الحجة على الناس، والقيادة الزمنية لرعاية مصالح العباد وإدارة شؤونهم في ضوء
ما تقتضيه أحكام الشريعة الاسلامية، ومن غاياتها السامية حفظ الاَحكام الشرعية؛
ذلكم أنّ مهمة التشريع في الاسلام منقطعة إليه تعالى فهي مهمة الخالق القدير،
وأمّا المسائل الشرعية في مختلف جوانب الحياة - وخاصة في الحوادث الواقعة - فلا
تعدو كونها مصاديق لأحكام سبق الانتهاء من صدورها وابلاغها من قبل النبي الاَكرم
صلى الله عليه وآله في حياته .. وروي عن الاِمام المهدي عجل الله تعالى فرجه: «وأمّا الحوادث
الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجة الله
عليهم». لاحظ: الامامة حتى ولاية الفقه: 51.
([5])
يدل عليه رواية عمر بن حنظلة؛ حيث قال: «سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجلين من
أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل
ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له
فإنّما يأخذه سحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله
أن يكفر به، قال الله تعالى: (يُريدُونَ أنْ يَتَحَاكَمُوا إلى الطّاغُوتِ وَقَدْ
أُمِرُوا أن يكْفُروا به) قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى
حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً؛ فإنّي قد جعلته
عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانّما استخف بحكم الله، وعلينا ردّ
والرّاد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله».
راجع الوسائل: 27/ 136 (33416)، الكافي: 1/ 54 (10)، الاحتجاج: 2/ 260 (232)،
تهذيب الاحكام: 6/ 218 ( 514 و 301 و845)، والآية: النساء 4: 60.
([8])
انظر: كتاب "العروة
الوثقى" للفقيه السيد محمد كاظم اليزدي، وهو من الكتب الفقهية الأساسية التي
تُدرس في الحوزات العلمية الشيعية. وشرح العروة الوثقى: تعليقات المراجع المعاصرين
مثل السيد الخامنئي والسيد السيستاني على كتاب "العروة الوثقى"، حيث يتم
تفصيل شروط الاجتهاد والتقليد. وكتب أصول الفقه: مثل "كفاية الأصول"
للشيخ الآخوند الخراساني، والتي تُعتبر مرجعًا أساسيًا في علم أصول الفقه الشيعي.
([9])
شرط الذكورة: تمت مناقشته في كتب الفقه المقارن مثل "الفقه على المذاهب
الخمسة" للشيخ محمد جواد مغنية.
([11])
انظر:- السيد علي الخامنئي: يتم الاعتماد على موقعه الرسمي وفتاواه المنشورة.
[موقع مكتب السيد الخامنئي] (https://www.leader.ir)
- السيد علي السيستاني: يتم
الرجوع إلى موقعه الرسمي وكتاب "منهاج الصالحين". [موقع مكتب السيد
السيستاني] (https://www.sistani.org)
- الشيخ ناصر مكارم الشيرازي:
يتم الاعتماد على كتبه الفقهية مثل "أنوار الفقاهة" وموقعه الرسمي.
[موقع مكتب الشيخ مكارم الشيرازي] (https://www.makarem.ir).
- السيد محمد سعيد الحكيم: يتم
الرجوع إلى كتابه الفقهي "منهاج الصالحين" وموقعه الرسمي. [موقع مكتب
السيد الحكيم] (https://www.alhakeem.com)
- السيد محمد حسين فضل الله: يتم
الاعتماد على كتبه وفتاواه المنشورة في موقعه الرسمي. [موقع مكتب السيد فضل الله]
(https://www.bayynat.org)
إرسال تعليق