كلام الرب جل جلاله يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم
أَخْرَجَ
اَّلْبُخَارِي فِي صَحِيْحِهِ مِنْ حَديِثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: (مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ
رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ،
فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ،
وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ
وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "، قَالَ الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ
مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "وَلَوْ بِكَلِمَةٍ
طَيِّبَة"))[1]).
سبب الورود:
وسبب ورود الحديث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، قال: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه
ثلاثاً ثم ذكره) )[2](.
من فوائد الحديث:
1-
إن من أحوال يوم القيامة عرض العباد على ربهم، وعرض
أعمالهم عليهم، قال تعالى: ﱡﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ﴾ )[3](.
2- إثبات
صفة الكلام لله تعالى، قال تعالى: ﱡ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ﴾([4])، وقال سبحانه ﱡﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ﴾([5]).
3-
وأنه سبحانه متكلم متى شاء كيف شاء بما شاء
لم شاء فهو متعلق
بمشيئته سبحانه. قال شيخ الإسلام ابن
تيمية: " ومثل هذا: " الكلام ". فإن السلفَ وأئمة السنة والحديث
يقولون: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته؛ وكلامه ليس بمخلوق؛ بل كلامه صفة له قائمة
بذاته"([6]) وقال في
مجموع الفتاوى: " هو يتكلم بمشيئته, وقدرته كلاماً قائماً بذاته. وهذا هو
المعقول من صفة الكلام لكل متكلم فكل من وصف بالكلام كالملائكة والبشر والجن
وغيرهم: فكلامهم لا بدَ أن يقوم بأنفسهم, وهم يتكلمون بمشيئتهم وقدرتهم. والكلام
صفة كمال؛ لا صفة نقص ومن تكلم بمشيئته أكمل ممن لا يتكلم بمشيئته؛ فكيف يتصف
المخلوق بصفات الكمال دون الخالق"([7]).
4- إن
الله تعالى سيكلمنا يوم القيامة دون ترجمان بيننا وبينه سبحانه؛ فقد جاء في الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (يدنو أحدكم من ربه حتى
يضع كنفه عليه، فيقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول:
عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، فيقرره، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، فأنا أغفرها
لك اليوم))[8](. قال الشيخ
عبدالرحمن السعدي: "إن جميع الخلق سيكلمهم الله مباشرة من دون ترجمان ولا
واسطة، ويسألهم عن جميع أعمالهم، خيرها وشرها، دقيقها وجليلها، سابقها ولاحقها، ما
علمه العباد وما نسوه منها، وذلك أنه لعظمته وكبريائه كما يخلقهم ويرزقهم في ساعة
واحدة، ويبعثهم في ساعة واحدة فإنه يحاسبهم جميعهم في ساعة واحدة)"[9](.
6- الحث
على تقديم الصدقة, وعدم استحقار قليلها قال ابن حجر: "فاتقوا النار ولو بشق
تمرة أي اجعلوا بينكم وبينها وقاية من الصدقة, وعمل البر ولو بشيء يسير"([11]).
والحمد
لله رب العالمين
يوسف بن طه الشمري
إرسال تعليق