iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

النهي عن لبس الصليب

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


باب في النهي عن لبس الصليب

قَالَ الْتِّرمِذِي فِي جَامِعِهِ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ غُطَيْفِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَالَ: (يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ)، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ: ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ([1])، قَالَ: (أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ)([2]).


ترجمة رواة الحديث:
-     الحسين بن يزيد الكوفي الطحان، (ت244ه) لين الحديث. قال ابن أبي حاتم لين، وتبعه ابن حجر في التقريب ([3]).
-     عبدالسلام بن حرب المُلاَئِيُّ البَصْرِيُّ ويكنى أبو بكر (ت 187ه) ثقة ([4]).
-     غُطَيف بن أَعيَن الشَّيبانِيُّ الجزري، وقيل: غضيف ضعيف الحديث، وقال الترمذي عقب حديث (3095) غطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث ([5]). ذكره الدارقطني في الضعفاء، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكون ([6]).
-     ومصعب بن سعد بن أبي وقاص (ثقة كثير الحديث) ([7]).
والحديث ضعيف لأجل الحسين بن يزيد وغطيف بن أعين.
من فوائد الحديث:
1- قوله (وفي عنقي صليب)، والصليب هو: كل ما كان على شكل خطين متقاطعين ([8]).
2-  وقوله (اطرح عنك) أي ألق عن عنقك (هذا الوثن) والوثن: كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض، أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي، والصنم: الصورة بلا جثة ([9]). وفيه دلالة على إنكار المنكر بالقول مراعياً أحوال الدعوة, وأصولها وضوابطها من لين القول واستحضار الدليل.
3- يُعلم من ذلك تحريم لبس الصليب والتشبه بالكفار، وقد ذم الله تعالى المتشبهين بالكفار، فقال: ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ([10]). وجاءت سنة النبي r صريحة في النهي عن التشبه بالكفار، وتنوعت دلالاتها؛ كقوله r: (من تشبه بقوم فهو منهم)([11])، وكقوله r: (خالفوا المشركين)([12])، وكقوله r: (خالفوا اليهود)([13])، وغير ذلك.
4- خطورة التشبه بالكفار, وعظم الآثار المترتبة عليه لذلك خصها العلماء بالتأليف والتصنيف، ومن أجمع الكتب في هذا الباب كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقد أوضح فيه بالدلائل من الكتاب والسنة والإجماع والأقيسة الصحيحة في وجوب مخالفة أهل الكتاب - اليهود والنصارى -، وكذلك المشركين في سائر الأوقات والأزمان، وبين الشيخ ما وقع في الناس من مشابهتهم، وذكر صوراً كثيرة، وقواعد وضوابط في هذا الباب، لا تكاد تجدها مجتمعة في غيره من الكتب.
5-  ومما يستفاد في مسالة التشبه فيما بيننا وبينهم من العبادات وغيرها؛ مثل: صيام عاشوراء أو الصلاة والصيام مع اختلاف الهيئة، فهذا في الأصل لا يخلو من الأمور الآتية:
 ‌أ-      إما يكون قدر شرعاً لهم كما شرع لنا.
‌ب-   وإما أن يكون شرّع لهم ونسخ في شريعتنا.
‌ج-    وإما أن يكونوا أحدثوه وابتدعوه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثم اعلم أن أعمالهم ثلاثة أقسام: قسم مشروع في ديننا، مع كونه كان مشروعاً لهم أو لا نعلم أنه كان مشروعاً لهم، لكنهم يفعلونه الآن. وقسم كان مشروعاً، ثم نسخه شرع القرآن. وقسم لم يكن مشروعاً بحال؛ وإنما هم أحدثوه. وهذه الأقسام الثلاثة: إما أن تكون في العبادات المحضة، وإما في العادات المحضة، وإما أن تجمع العبادات والعادات"([14]).
6- زجر النبي r من إتباع الأمم السالفة، والتمسك بهديه وبما جاء به r، قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: "يا رسول الله، اليهود والنصارى؟" قال: فمن؟) ([15]).
7- الحديث فيه دلالة واضحة وصريحة في تحريم كل من أطاع أحداً من الخلق مطلقاً في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، فقد اتخذ ذلك المخلوق ربا في التشريع من دون الله، وهو من أنواع الشرك في الطاعة والانقياد؛ لقوله U: ﴿ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ([16]).
8- إن من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أرباباً من دون الله تعالى([17])؛ قال ابن عباس y: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!)، وإن كان هذا القول في أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) وهما المبشران بالجنة، ولم يخرجا عن طوع الله ورسوله، فما بالك بمن هو دونهما من الذين يحللون ويحرمون في المجالس التشريعية والبرلمانية.
9- التزام أمر الله ورسوله في الحلال والحرام والتقيد بالنصوص الشرعية، وتحليل ما أحل الله ورسوله، وتحريم ما حرم الله ورسوله على الدليل، وترك ما دونهما؛ قال U: ﴿ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ([18]).
10-   ومما يستفاد منه عدم التقليد الأعمى الناتج عن التعصب، والتماس الدليل والتمسك به. قال الرازي([19]): " قال شيخُنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه: قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء، قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات، فلم يقبلوا تلك الآيات, ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إليَّ كالمتعجب، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها، ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا"([20]) .
الخلاصة ([21]): يحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم، ومن عاداتهم وعباداتهم، وسمتهم وأخلاقهم، كحلق اللحى وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب، وغير ذلك؛ لأن التشبه بهم في الملبس والكلام ,وغيرهما يدل على محبة المتشبه به، ولهذا قال النبي r: (من تشبه بقوم فهو منهم) ([22]).

                                                        والحمد لله رب العالمين 
                                      باب من رسالة جمعة احاديث عدي بن حايم رضي الله عنه
                                                       يوسف بن طه الشمري





([1]) سورة التوبة، من الآية: (31).

([2]) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، 5/278، (3095)؛ والطبراني في المعجم الكبير:17/92، (218)؛ والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى، باب ترك الحكم بتقليد أمثاله من أهل العلم حتى يعلم مثل علمهم، 209/ (261)؛ والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه:2/ (129) من طرقٍ عن عبدالسلام بن حرب، عن غطيف بن أعين المحاربي، عن مصعب بن سعد به.

والحديث ضعيف لجهالة غطيف. ينظر تهذيب الكمال: 23/،119 (4695)؛ الثقات لابن حبان:7/311، (10224)؛ الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي:2/247، (2686)؛ الضعفاء والمتروكون للدارقطني:3/127، (429)؛ تهذيب التهذيب:8/251، (463)؛ المغني في للضعفاء:2/506، (4875)؛ الكاشف:2/ (117).

وجاء في السنن الكبرى للبيهقي، كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي، 10/198، (20350)، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد، حدثنا ابن أبي قماش، حدثنا سعيد بن سليمان، عن عبدالسلام بن حرب الملائي، عن غطيف الجزري، عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم ... الحديث.

وفي سنن البيهقي أيضاً، كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي، 10/198، (20351)، من طريق حذيفة بن اليمان، قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنبأنا أبو عبدالله بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبدالوهاب، أنبأنا جعفر بن عون، عن الأعمش ح وأخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنبأنا أبو بكر القطان، حدثنا علي بن الحسن الهلالي، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن حبيب, عن أبي البختري، قال: سئل حذيفة t عن هذه الآية: ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ[سورة التوبة:31] أكانوا يصلون لهم؟ قال: (لا، ولكنهم كانوا يحلون لهم ما حرم عليهم، فيستحلونه، ويحرمون عليهم ما أحل الله لهم، فيحرمونه، فصاروا بذلك أربابا ). وحديث حذيفة موقوفا كما عند البيهقي في "شعب الإيمان"، قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أنبأنا أبو عبدالله الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن حذيفة، في قول الله U: ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ[سورة التوبة:31] قال: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم أطاعوهم في المعاصي).

وأخرج الطبري في تفسيره:14/211، (16634)، قال: (حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، عن حذيفة ... وذكر الحديث). وينظر: الدر المنثور 4/(174).

وهذه الروايات أسانيدها ضعيفة للانقطاع بين أبي البختري وحذيفة؛ فإن أبا البختري لم يسمع من حذيفة إنما أرسل عنه كما نُقل في تهذيب الكمال 11/32، (2342).

([3]) ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 3/ 67، (304)؛ وتهذيب الكمال:6/501، (1349)؛ وميزان الاعتدال:1/550، (2066)؛ وتقريب التهذيب: 169/ (1361).

([4]) ينظر: طبقات ابن سعد، 6/360، (2692)؛ والعلل ومعرفة الرجال: 3/ (485)؛ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 6/47، (246) تهذيب الكمال: 18/66، (3418)؛ وسير أعلام النبلاء: 8/335، (87).

([5]) جامع الترمذي: 5/ 125، (3095).

([6]) ينظر: الضعفاء للدارقطني: 3/ 127، (429)؛ والضعفاء لابن الجوزي: 28 247، (2686).

([7]) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد: 5/ 129، (708)؛ والتاريخ الكبير للبخاري: 7/ 350، (1514)؛ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 7/ 55، (315)؛ وسير أعلام النبلاء: 4/ 350، (125)؛ وإكمال تهذيب الكمال: 11/ 213، (4577).

([8]) ينظر: تحفة الأحوذي: 8/ (390).

([9]) المصدر السابق.

([10]) سورة التوبة: الآية: (69).

([11]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب السير، مَا قالُوا فيما ذُكِرَ من الرِّمَاحِ واتخاذها 6/471، (33016)؛ وأحمد في مسنده 9/ (126)، (5115)؛ وأبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، 4/44، (4031) بطرق عن عبد الرحمن بن ثابت، قال: حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر t. وأخرج البزار في مسنده:7/368، (2966)؛ الطبراني في الأوسط: 8/ 179، (8327) نحوه بطرق عن محمد بن مرزوق قال أنبأنا عبد العزيز بن الخطاب، حدثنا علي بن غراب، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة t به.

([12]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، 7/160، (5892) من طريق محمد بن منهال قال: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عمر بن محمد بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر t.

([13]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، 1/176، (652)؛ وابن حبان في صحيحه، كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام، ذكر الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال إذا أهل الكتاب لا يفعلونه، 5/561، (2186) من طرق عن مروان بن معاوية الفزاري، عن هلال بن ميمون الرملي، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه به).

([14]) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم: (473).

([15]) أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، 9/103، (7320) من طريق محمد بن عبد العزيز، حدثنا أبو عمر الصنعاني، من اليمن عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريt.

([16]) سورة التوبة، آية: (31).

([17]) ينظر: القول المفيد على كتاب التوحيد:2/ (149).

([18]) سورة النساء: الآية: (59).

([19]) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (ت 606هـ). ينظر: طبقات الشافعية: 8/ 81، (1089)؛ والأعلام للزركلي: 6/ (313).

([20]) ينظر: تفسير الرازي: 16/ (31).

([21]) ينظر: الرد على اللمع، شحاتة محمد صقر: (180).

([22]) تقدم تخريجه.

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث