iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

داء الرياء

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


                                            داء الرياء 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد.

تقديم: قال الْعِزّ ابْن عبد السَّلَام ([1]): "من الأسباب الحاملة على الرياء هي أن النفوس مجبولةٌ على طلب ما يلائمها من شهواتها ولذاتها, ومن أعظم شهواتها التعزير والتوقير, ودفع ما يؤلمها وجلب ما يلذ لها، والنفوس مستشعرة بأن الناس برهم وفاجرهم يعظمون أهل الدين ويثنون عليهم ويتقربون إليهم ببذل أموالهم وأنفسهم في مباشرة خدمتهم واحترامهم حتى الملوك الذين هم أعظم الناس عند الناس فإذا علمت النفوس ذلك مالت إلى أن تتصنع لهم بطاعة الله تعالى ليوقروها ,ويعظموها ويثنوا عليها ويتقربوا إلى الله عز وجل بخدمتها بالأنفس والأموال والأولاد, ويصغوا إليهم إذا قالوا ويطيعوهم إذا أمروا ويعتذروا عنهم إذا أخطؤوا ويكفوا عنهم أذية من آذاهم وعداوة من عاداهم". ثم قال: "وأما الرياء فهو أن يريد الناس بطاعة الله تعالى وعبادته, وهما ضربان أحدهما أن لا يريد بتلك الطاعة إلا الناس والثاني أن يريد بطاعته الناس ورب الناس, وهذا أخف الريائين, لأنه أقبل على الله من وجه وعلى الناس من وجه".

1-   الرياء: أن يقصد الإنسان بأقواله أو أعماله الصالحة أن يراه الناس. أو ترك الإخلاص في العمل.

2-   الرياء منبوذ في الإسلام ومحبط للعمل، ومن الأدلة التي تحذر من الرياء. قَول اللَّهُ تعالى: وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ ([2])، وقال تعالى: لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ([3])، وقيل في تفسير قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ ([4]) أَي: إِلا مَا أُرِيدَ به وجه الله روي عن مجاهد والثوري ([5])، فِي قَوْلِهِ تعالى: وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ([6]) ، قَيل الرِّيَاءِ([7]).

وَقِيلَ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ([8]) أَيْ: لَا يَعْبُدُ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلا يَعْمَلُ عَمَلا فِيهِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ، وَلا يَكْتَسِبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ ([9]).ومن الآثار التي وردت في ذم الرياء والمرائي: ما جاء عبد الله بن مسعود: (الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ)([10])، وعنه ايضاً: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُسْمِعُ مِنْ مُسْمِعٍ وَلَا مُرَاءٍ وَلَا دَاعٍ إِلَّا دَاعٍ دُعَاءً ثَبِتًا مِنْ قَلْبِهِ، وَلا يَقْبَلُ إِلَّا النَّاخِلَةَ مِنَ الدُّعَاءِ) ([11])، وعن جُنْدَبٍ العَقلِي قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَاءِ يُرَاءِ اللَّهُ بِهِ)([12])، وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: (مَنْ يُسَمِّعِ النَّاسَ بِعَمَلِهِ، سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ، وَحَقَّرَهُ، وَصَغَّرَهُ) ([13])، قَالَ: فَبَكَى ابْنُ عُمَرَ.

3-   علاج الرياء: الرياء مرض ينخر عمل العبد ويحبطه، ويلزم العبد مجاهدة النفس من هذا الداء الخطير والذنب الكبير، ويلزمه أيضاً تذكير النَّفس بِمَا يحرمه الله عز وَجل من توفيقه أَو صَلَاح قلبه بِسَبَب الرِّيَاء، وخوف مقت الله تعالى إِذا اطلع على قلبه وَهُوَ مُعْتَقد الرِّيَاء، أوَن لَا يَأْمَن أَن يعجل الله تعالى بعض الْعُقُوبَات وَلَا يمهله فيفضحه ويمقته لمن كَانَ يتحبب إِلَيْهِ بريائه، وأَن يعلم العبد رضَا النَّاس عَنهُ غَايَة لَا تدْرك ومطلوب لَا يملك فقد يُرْضِي بَعضهم مَا يسْخط الآخرين([14]).

 

                                                    والحمد لله رب العالمين


                                                                                     يوسف بن طه الشمري







([2]) سورة النساء: من الآية: (38). 
([3]) سورة البقرة: (من الآية: (264).  
([4]) سورة القصص: من الآية: (88) 
([5]) ينظر: تفسير الطبري: 19/ (634)؛ وتفسير ابن كثير: 6/ (261).
([6]) سورة فاطر: من الآية: (10).  
([7]) ينظر: تفسير ابن كثير: 6/ (538). 
([8]) سورة الكهف: من الآية (10).
([9]) ينظر: تفسير الطبري: 18/ (135). 
([10]) أخرجه: وكيع في الزهد: 1/577، (304)؛ وأبي بكر بن الخلال في السنة: 5/12، (1425)؛ وحلية الأولياء: 9/ (253)؛ والإبانة الكبرى لابن بطة: 3/723، (981).
([11]) أخرجه: وكيع في الزهد: 1/579، (305). 
([12]) المصدر السابق: (307).
([13]) المصدر السابق: (308).
([14]) يراجع: مقاصد الرعاية لحقوق الله عز وجل: 1/ (58).


([1]) عز الدين بن عبد السلام أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي: ينظر: حسن المحاضرة: / 420، (124).

 

 

التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث