فضل كفالة اليتيم
أخرج
الإمام الطبراني في المعجم الأوسط قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ: حَدثَنا الْقَاسِمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ
شَرِيكٍ قَالَ: حَدثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ تَمِيمِ بْنِ طَرْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله
عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا لَهُ
أَوْ لِغَيْرِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ
الْجَنَّةُ)([1]).
الحديث
ضعيف لجهالة الهيثم بن سعيد وعبدالله بن تميم، وقد ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة
الضعيفة([2]).
من
فوائد الحديث:
1-
عرف
الفقهاء اليتيم بأنه من مات أبوه، وهو دون البلوغ ([3]). لحديث علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يتم بعد احتلام)
([4]) فاليتيم هو من لا أب له ولا أم. ويلحق به أولاد المفقود وأولاد الأسير
واللقيط أو أولاد المطلقين([5]) .
2-
قوله صلى
الله عليه وسلم: (من ضم يتيماً له أو لغيره) أي تكفل بمؤونته وما يحتاجه (حتى
يغنيه الله عنه وجبت له الجنة)، زاد في رواية (ألبتة)، وهو نصب على المصدر والمراد
به القطع بالشيء، وأنه لا بدَ له من الجنة وإن تقدم عذاب، لأن المراد أنه يدخلها
بلا عذاب (ألبتة)([6]). وقال عز الدين الصنعاني: "(من ضم) كفل (يتيمًا له) أي
قريبًا له كابن الأخ ونحوه (أو لغيره) بأن يكون من الأجانب"([7]).
3-
قوله:
(حتى يغنيه الله عنه) أي لا يحتاج إلى من يتكفله ويقوم على أمره فلا يحتاج إلى
كافل.
4-
قوله:
(وجبت له الجنة) بما يحمله من مؤنة اليتيم وفيه الأجر الجزيل ([8]).
5- من الأحكام المتعلقة في اليتيم أن له حق من مال الغنيمة التي يغنمها المسلمون في حروبهم والفيء، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ([9]).
6-
فضل
كفالة اليتيم، وقد جاء الفضل في ذكر كافل اليتيم في أحاديث كثيرة وذلك للذين
يقومون على خدمتهم ورعايتهم وإدخال السرور إلى نفوسهم، قال صلى الله عليه وسلم:
(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) ([10]). وهذه فضيلة عظيمة وحسبك بها فضيلة وقربة
من منزل النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وليس بين السبابة والوسطى في الطول،
ولا في اللصوق كثير وإن كان نسبة ذلك من سعة الجنة كثيراً ([11]).
7-
ومنه أن
الخيرية من بيوت المسلمين هي من فيها يتيم قال صلى الله عليه وسلم: (خير بيت في
المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت للمسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، أنا
وكافل اليتيم في الجنة هكذا) ([12]).
8-
ومنه أن
أحب البيوت الى الله تعالى البيت الذي يكرم فيه اليتيم، قال صلى الله عليه وسلم:
(أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم) ([13]). وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا
وكافل اليتيم له ولغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة) ([14]).
9-
ومنه
مصاحبة النبي عليه الصلاة والسلام والقرب منه في الجنة بإيواء اليتيم أو اليتيمين،
قال تعالى: (من أوى يتيماً أو يتيمين ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين)
([15]).
10- ومنه كثرة ذكرهم من قبل النبي صلى الله عليه وسلم
على المنبر وغيره، وتذكير المسلمين بهم كثيراً، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي
أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) ([16]).
11- ومنه جلاء قسوة القلب وإدراك الحاجات برحمة اليتيم
والمسح على رأسه وإطعامه من طعامك، قال صلى الله عليه وسلم: (أتحب أن يلين قلبك
وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وأمسح رأسه وأطعمه من طعامك، يلين قلبك وتدرك حاجتك)
([17]).
12- ومنه يعلم حرمة أكل أموال اليتامى، فقد أنكر الله تعالى على الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل، وشدد في الإنكار، لأنه من أشر الأفعال، ومن شرّ المآكِلِ، ووعدهم أشد العذاب ردأً وزجراً، قال الإمام الشوكاني: "وَقَدْ وَرَدَ التَّنْفِيرُ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالتَّشْدِيدُ فِيهِ، قَالَ تعالى: ﱡ (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)([18]). وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ أَحَدُ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ ([19])، قال الشوكاني: "فالواجب على من ابتلي بيتيم أن يقف على الحد الذي أباحه له الشارع في الأكل من ماله ومخالطته؛ لأن الزيادة عليه ظلم يصلى به فاعله سعيراً ويكون من الموبقين نسأل الله السلامة" ([20]).
يوسف طه السعيد
([1])
أخرجه: الطبراني في المعجم الأوسط:5/ 290، (5345).
والحديث
له شواهد كثيرة منها أخرجه البخاري في صحيحه، 8/9، (6005) من حديث سهل بن سعد، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وقال
بإصبعيه السبابة والوسطى) و، 7 /53، (5304) من حديث سهل، قال: رسول الله "صلى
الله عليه وسلم": ("وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار
بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئاً).
([2])
ينظر: ضعيف الجامع: 819/ (5681).
([3])
ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 45/ (254).
([4])
أخرجه أبو داود في سننه، 3/ 115، (2873).
([5])
ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: 45/ (254).
([6])
ينظر: فيض القدير: (8831).
([7])
ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير: (8812).
([8])
يراجع: المصدر السابق.
([9])
سورة الأنفال: الآية: (41).
([10])
أخرجه: البخاري في صحيحه، 8/9، (6005) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني
أبي، قال: سمعت سهل بن سعد رضي الله عنه.
([11])
يراجع: كتاب الاستذكار: 8/ (434).
([12])
أخرجه: البخاري في الأدب المفرد، 61، (137)؛ وابن ماجة في سننه، 2/1213، (3679)؛
والطبراني في المعجم الأوسط: 5/ 99، (4785).
([13])
أخرجه: الطبراني في المعجم الكبير: 12/ 388، (13434) من طريق محمد بن طلحة، عن
أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنه.
([14])
أخرجه: مسلم في صحيحه، 4/2287، (2983) من طريق ثور بن زيد الديلي، قال: سمعت أبا
الغيث، يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه.
([15])
أخرجه: الطبراني في المعجم الأوسط: 8/ 227، (8477) من طريق عمران قال: سمعت الحكم،
يحدث، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه.
([16])
أخرجه: الحاكم في المستدرك، 1/ 131، (211)؛ والبيهقي في السنن الكبرى، 10/ 227،
(20452) من طريق أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ،
حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، حدثنا مسدد ح، قال: وحدثنا علي بن حمشاذ، أنبأ عبد الله
بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن عجلان، عن سعيد
المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
([17])
أخرجه معمر بن راشد في الجامع، باب أموال الأموال، 11/ 26، (20029).
([18])
سورة النساء: الآية: (10).
([19])
أخرجه البخاري في صحيحه، 4/10، (2766)؛ ومسلم في صحيحه، 1/92، (88) من طريق ثور بن
زيد المدني، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: «الشرك بالله،
والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم،
والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات).
([20])
ينظر: نيل الأوطار: 5/ (301).
إرسال تعليق