تنبيه الحيارى على خطر من شك بكفر اليهود والنصارى
وقفت على
كلام للشيخ عبدالله السعد حفظه الله على موقع طريق الاسلام بعنون (من فوائد الشيخ
عبد الله السعد) يبين فيه حكم اليهود والنصارى ممن لم يسمع بشريعة الاسلام ومات
على دين اليهودية والنصرانية الحق الذي لم يحرف. وبعد ان رأيت بعض من يريد تحريف
الكلام على غير مراد الشيخ أحببت ان أُوضح ما أراد حتى لا يستغل من كلام الشيخ
ويحمله على غير مراده، وقبل الدخول لصلب الموضوع لابد من بيان بعض المصطلحات.
أولًا:
تعريف الكفر في اللغة
الكفر في
اللغة مأخوذ من مادة (ك-ف-ر) التي تدل على الستر والتغطية. ومن معانيه:
الستر:
يقال كَفَرَ الشيء أي غطّاه، ومنه قول العرب: كفر الليلُ الشيء، أي غطّاه بظلمته.
الجحود
والإنكار: يقال كَفَرَ النعمةَ إذا جحدها ولم يعترف بها.
الزراعة:
أطلق العرب على الفلاح اسم "الكافر" لأنه يغطي البذور بالتراب([1]).
ثانيًا:
تعريف الكفر في الاصطلاح
الكفر في
الاصطلاح الشرعي هو إنكار ما يجب الإيمان به من أمور الدين بالضرورة، أو جحود أمر
معلوم من الدين بالضرورة بعد قيام الحجة. ويقسمه العلماء إلى نوعين، مثل:
الكفر
الأكبر (المخرج من الملة): وهو الجحود أو التكذيب أو الاستكبار عن الإيمان بالله
ورسله وكتبه، مثل كفر إبليس وكفر المشركين.
الكفر
الأصغر (غير المخرج من الملة): وهو الذنوب التي سماها الشرع كفرًا لكنها لا تخرج
من الإسلام، مثل كفران العشير، أو الحلف بغير الله مع عدم اعتقاد تعظيمه كتعظيم
الله([2]).
وكل نوع
من النوعين السابقين يندرج تحته أنواع كثيرة ليس المحل لذكرها.
جاء في
الكلام:
"من
كان من اليهود والنصارى ولم يسمع ببعثته عليه السلام؛ فهو ليس من أهل
النار".. والمقصود هنا من كان من اليهود على دين موسى، قبل أن يُحرَّف! ومن
النصارى من كان على دين عيسى قبل أن يُحرَّف أيضًا! لأنهم على دين صحيح. أخرج
مسلمٌ رحمه الله في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا يَسمع بي أحدٌ من هذه الأمَّة، يهودي
ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلَّا كان من أصحاب النار» .
فعلَّق
الشيخ السعد حفظه الله قائلًا:
"في
هذا الحديث؛ قيَّد عليه الصلاة والسلام، السماعَ ببعثته، باليهود والنصارى، وذلك
لأن غيرهم على دين فاسد وهو الكفر.. فمن كان من اليهود والنصارى ولم يسمع ببعثته
عليه السلام؛ فهو ليس من أهل النار، هذا هو مفهوم هذا الحديث..
والمقصود
هنا من كان من اليهود على دين موسى، قبل أن يُحرَّف! ومن النصارى من كان على دين
عيسى قبل أن يُحرَّف أيضًا! لأنهم على دين صحيح، قبل بعثة الرسول صلى الله عليه
وسلم، وكذا بالنسبة لليهود قبل أن يُبعث عيسى، وأما من كان على دين مُحرَّف من
اليهود والنصارى فهم لا يدخلون تحت هذا الحديث"....انتهى
وهذه
التفاتة طيبة من الشيخ حفظه الله تعالى والا فالأصل في اليهود والنصارى هو الكفر
كما جاء في صحيح القران والسنة فاليهود مغضوب عليهم والنصارى ضآلون قال تعالى
((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))الفاتحة)
واجماع المفسرون على أنهم اليهود والنصارى، وهم كفار بأصلهم ليس كمن أثبت لهم
الإيمان ومن صحح ديانتهم، فهم خالفوا موسى وعيسى عليهما السلام وجاءت النصوص
الجلية بكفرهم من الكتاب العزيز
قال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالواْ
إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة : 17]
وقال
تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا
مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ
لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة
:73].
وقال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ
تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {98}) [آل
عمران] .
وقال
سبحانه: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ
تَشْهَدُونَ {[70 آل عمران] .
فهم كفار
مشركون والدليل على شركهم قوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ
لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ} [التوبة :31]
وفي
الحديث الذي ذكره الشيخ عبدالله السعد حفظه الله تعالى دلالة قاطعة على كونهم من
اصحاب النار كما جاء عند مسلم رحمه الله (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ
مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ
وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ
إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" [صحيح مسلم]. فلا
ينخدع احد بمن جاء بدعوا باطلة وافكار فاسدة على اثبات سلامة دين اليهودية
والنصرانية فالأدلة كثيرة جداً، وإن كفر اليهود والنصارى مجمع عليه بين علماء امة
الإسلام وهو معلوم من الدين بالضرورة فلا يجوز نسبت الإيمان لهم ولا تصحيح معتقدهم
لانهم خالفوا وحرفوا وغيروا وبدلوا شريعة موسى وعيسى عليهما السلام واشتروا بايات
الله ثمنا قليلا ومن اعتقد غير هذا فيهم فقد اوقع نفسه في ناقض من نواقض الإسلام
التي بينها شيخ الإسلام بمن لم يكفر المشركين. قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر
البراك :"فيجب على كل مسلم اعتقاد كفر اليهود والنصارى، وأن من مات منهم ولم
يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم- فهو في النار خالدًا مخلدًا فيها، ومن لم يقرّ
بذلك من المسلمين، بل زعم أن اليهود والنصارى على دين صحيح، فإنه كافر مرتد بذلك
عن دين الإسلام، ولو زعم أنه مسلم"، فلا يفسر كلام الشيخ عبدالله بغير الفهم
السليم، ولا يحمل على غير مراد الشيخ من ان الذين لا يكفرون من اليهود والنصارى هم
من لم يسمع بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وكان على دين موسى وعيسى الصحيح
عليهما السلام.
المصدر:
خاص بموقع طريق الإسلام من كلام الشيخ عبدالله السعد حفظه الله
وكتبه
يوسف طه السعيد
إرسال تعليق