iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

الكَثْرَةُ والقِلَّةُ بيَن ذمِّ النَّقلِ ومدحِ العقلِ

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 

الكَثْرَةُ والقِلَّةُ بيَن ذمِّ النَّقلِ ومدحِ العقلِ

رسالة في بيان الكثرة والقلة في مفهوم الشرع وعقل البشر، مع بيان أدلة الشرع فيها.



توطئة

 

{وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ٣٣}

                                                                                          [سورة فصلت:33].


مقدمة

                 إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢}([1])، {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ١}([2]). {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١}([3]).

 أَمَّا بَعْدُ.

         فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ.

معلوم أن النفوس ميالة إلى الكثرة من جهة العدد، ونفوسنا لا تحب القلة، ولذا حذَّرنا ربُّنا من الاغترار بالكثرة، قال الله جل في علاه: {قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ١٠٠}([4])، ومن جانب آخر كان قد أمرنا الله تعالى أن نعتبر بعاقبة من كذب الرسل فكان الأكثر منهم مشركين لم يلبوا نداء الله تعالى، قال جل ذكره: {قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ ٤٢}([5])، وذكر الله سبحانه وتعالى أهل الايمان والعمل الصالح بأنهم قلة، فقال الحكيم سبحانه: {إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ ...٢٤}([6]).

والقِلَّة في اللغة العربية ضد الكثرة، وهما يدلان على معنى عددي ليس إلا. قال الله تعالى: {حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا ٢٤}([7]).

والقِلَّةُ: خِلاف الْكَثْرَةِ. والقُلُّ: خِلَافُ الكُثْر، وَقَدْ قَلَّ يَقِلُّ قِلَّة وقُلًّا، فَهُوَ قَليل وقُلال وقَلال، بِالْفَتْحِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وقَلَّلَه وأَقَلَّه: جَعَلَهُ قَلِيلًا، وَقِيلَ: قَلَّلَه جَعَلَهُ قَليلًا. وأَقَلَّ: أَتى بقَلِيل. وأَقَلَّ مِنْهُ: كقَلَّله؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. وقَلَّلَه فِي عَيْنِهِ أَي أَراه قَليلًا. وأَقَلَّ الشَّيْءَ: صادَفه قَليلًا. واسْتَقَلَّه: رَآهُ قَليلًا. يُقَالُ: تَقَلَّلَ الشيءَ واسْتَقَلَّه وتَقَالَّه إِذا رَآهُ قَليلًا"([8]).

في ماله قِلَّة وقُلّ، «والرّبا وإن كثر فهو إلى قُلّ»، والحمد للّه على القُلّ والكُثْر، وأخذ قُلّه وترك كُثْره أي أقلّه وأكثره، وكاد يذهب بصري إلاّ قُلاًّ... ([9]).

ومن خلال استقراء الآيات الخاصة بالقلة والكثرة نجد أن الله تعالى لم يذكر الكثرة بخير بخلاف القلة التي ما ذكرت الا بخير. وفي قادم ما نسطره سنقف على الآيات الخاصة بهذا المعنى وكيف بينها الله تعالى لعباده ووجههم للأخذ بها والاعتبار بما فيها وعدم الانجرار وراء الكثرة ما دامت على غير الحق، والله أسال أن يرشدنا للصواب إنه سميع مجيب.

موقف القرآن الكريم من الكثرة والقِلة

وردت آيات الكثرة في أكثر من تسعين آية، وفي مقابل الكثرة تحدث القرآن عن القلة في أكثر من ثلاثين آية، في حين يعتقد معظم الناس أن الحق دائمًا في الكثرة، لكن القرآن الكريم ذم الكثرة ومدح القلة على جميع المستويات، قال الله تعالى: {أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا ٤٤}([10])، وهنا نجد تصوير الطبري لهذه الكثرة الخائبة التي خرجت عن سواء السبيل فقال: " (أَمْ تَحْسَبُ) يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين (يَسْمَعُونَ) ما يتلى عليهم، فيعون (أَوْ يَعْقِلُونَ) ما يعاينون من حجج الله، فيفهمون (إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ) يقول: ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها، ولا تفقه، بل هم من البهائم أضلّ سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها، وتنقاد لأربابها، وهؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم، ولا يشكرون نعمة من أنعم عليهم، بل يكفرونها، ويعصون من خلقهم وبرأهم"([11]). ولو تأملنا في النص السابق لوجدنا أنه يتكلم عن الكفرة من أهل العناد، لكن ما هو أشد وأصعب وصفه جل جلاله لعباده بأن الشاكرين منهم قلة، وهذه من المصائب التي تحل على المؤمن الحريص الوجل الذي يبذل الوَسع في العبادة والطاعة لرضى المولى جل عظمته، قال جل ذكره: {وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ ١٣}([12])، قال السعدي: "فأكثرهم، لم يشكروا الله تعالى على ما أولاهم من نعمه، ودفع عنهم من النقم"([13]).

لذلك؛ يحذر القرآن الكريم من إطاعة المخالفين للحق وإن كانوا كثرة، قال الله تعالى: {وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ ١١٦}([14]).

كما يحذرنا الله سبحانه وتعالى من الاغترار بهذه الكثرة، فقال تبارك تعالى: {قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ١٠٠}([15]). يقول الطبري: "ولو أعجبك كثرة الخبيث"، يقول: لا يعتدل العاصي والمطيع لله عند الله، ولو كثر أهل المعاصي فعجبت من كثرتهم، لأن أهل طاعة الله هم المفلحون الفائزون بثواب الله يوم القيامة وإن قلُّوا، دون أهل معصيته وإن أهل معاصيه هم الأخسرون الخائبون وإن كثروا"([16])، ويقول السعدي: "{وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} فإنه لا ينفع صاحبه شيئا، بل يضره في دينه ودنياه"([17]).

وكذلك ذكر الله تعالى الأمم التي قابلت الرسالة بالموروث الذي ورثوه عن آبائهم مهما كان زيفه وضلاله، وأعرضت عن الحق، قال الله تعالى: {إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ ٦٩ فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ يُهۡرَعُونَ ٧٠ وَلَقَدۡ ضَلَّ قَبۡلَهُمۡ أَكۡثَرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٧١}([18]).

ومع ما بين الله تعالى للناس من الحق بالأدلة والبراهين الساطعة كنور الشمس نجد كثير من الناس يكفر بها ويصرّ إباءً واستكباراً، قال الله تعالى: {وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا ٨٩}([19]). يقول الطبري: " (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا) يقول: فأبى أكثر الناس إلا جحودا للحقّ، وإنكارا لحجج الله وأدلته"([20]) وقال ابن كثير: " وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ الآية، أَيْ بَيَّنَّا لَهُمُ الْحُجَجَ وَالْبَرَاهِينَ الْقَاطِعَةَ، وَوَضَّحْنَا لَهُمُ الْحَقَّ وَشَرَحْنَاهُ وَبَسَطْنَاهُ، وَمَعَ هَذَا فَأَبَى أكثر الناس إلا كفورا أي جحودا للحق وردا للصواب"([21]).

ذكر وصف الكثرة والقلة في القرآن الكريم

أولاً: أوصاف (الأكثرية) في القرآن

من المعلوم بالضرورة أن القران الكريم لا يوجد فيه حشو في الكلام ولا في الكلمات، وإنما استخدام المفردات له حكم بالغة، ومرادات ذكرها الله تعالى لعباده أمراً أو نهياً أو توجيهاً وهكذا، والمراد بمصطلح (الأكثرية) الأغلبية المطلقة، أو معظم الشيء، والأكْثَرِيَّةُ: الأغْلَبِيَّةُ، أي العدد الأكْبر من الحاضرين، ضدُّ أقلية([22]). والقرآن الكريم من خلال وصفه لأكثر الناس إنما يقرر قاعدة عامة، وسنة كونية، حاصلها أن الخير والصلاح والهداية في البشر عامة قليل، وأن الأكثرية على عكس ذلك، فكثير منهم لا يؤمنون، وكثير منهم لا يعلمون، وكثير منهم لا يشكرون، إلى غير ذلك من الأوصاف التي تناولها القرآن الكريم. وفيما يلي نحاول أن نتتبع أوصاف (الأكثرية) في القرآن.

1: وصف الأكثرية بأنهم مشركون

قال الله تعالى: {وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ ١٠٦}([23])، وقال سبحانه: {قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلُۚ كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّشۡرِكِينَ ٤٢}([24]). فنرى هنا أن الآيات صريحة في أن أكثر الذين خلوا من قبل كانوا مشركين بخالقهم ورازقهم ومدبر أمرهم ولم يؤمنوا به ويلتزموا أمر أنبيائه عليهم السلام.

2: وصف الأكثرية بأنهم لا يؤمنون

وقد وردت ثلاث عشرة آية تنص على أن أكثر الناس لا يؤمنون، قال الله تعالى: {وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ ١٠٣}([25]). وقال تعالى: {الٓمٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِۗ وَٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ١}([26]).

{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِينَ ٨}([27]).

{لَقَدۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَىٰٓ أَكۡثَرِهِمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ٧}([28]).

{إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ ٥٩}([29]).

3: وصف الأكثرية بأنهم لا يعلمون

حث القرآن على العلم، ومدح أهل العلم، وجعلهم في مرتبة متقدمة عن أهل الجهل، ومع ذلك فقد أخبر سبحانه في مواطن كثيرة (جملتها سبعاً وعشرين آية) من كتابه بأن أكثر الناس لا يعلمون، منها:

قال الله تعالى: {يَسۡـٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ١٨٧}([30]).

وقال الله تعالى: {وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢١}([31]).

وقال الله تعالى: {مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٤٠}([32]).

وقال الله تعالى: {وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمٖ لِّمَا عَلَّمۡنَٰهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٦٨}([33]).

وقال الله تعالى: {وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٨}([34]).

وقال الله تعالى: {وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٦}([35]).

وقال الله تعالى: {لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٣٠}([36]).

وقال الله تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٢٨}([37]).

وقال الله تعالى: {قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٣٦}([38]).

وقال الله تعالى: {لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٥٧}([39]).

وقال الله تعالى: {قُلِ ٱللَّهُ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يَجۡمَعُكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٦}([40]).

وقال الله تعالى: {قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةٗ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٧}([41]).

وقال الله تعالى: {أَلَآ إِنَّمَا طَٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ١٣١}([42]).

وقال الله تعالى: {وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٤}([43]).

وقال الله تعالى: {أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٥٥}([44]).

وقال الله تعالى: {أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ١٣}([45]).

وقال الله تعالى: {أَوَ لَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٥٧}([46]).

وقال الله تعالى: {فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۢ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٤٩}([47]).

وقال الله تعالى: {مَا خَلَقۡنَٰهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٩}([48]).

وقال الله تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٤٧}([49]).

يخبرنا القرآن أن أكثر الناس لَّا يَعْلَمُونَ، وهذا العلم المنفي عنهم هو العلم المتعلق بالرسالة والإيمان والسنن الإلهية والشرائع السماوية، وليس العلم الدنيوي، قال الله تعالى: {بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡحَقَّۖ فَهُم مُّعۡرِضُونَ ٢٤}([50]).

فغالبية أمم الأرض خلَّفت من العمران والآثار والمعارف ما يدل على أن البشرية تسجل تفوقها في هذا المجال.

وقال الله تعالى: {وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٦ يَعۡلَمُونَ ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ غَٰفِلُونَ ٧}([51]).

فإن الأكثرية تبني معارفها الدنيوية على اليقين، إلا أنها في شأن الغيب والآخرة تلتمس الهدى في الظنون.

قال الله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـَٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ ٣٦}([52]).

 

4: وصف الأكثرية بأنهم لا تشكر

وشكر المنعم من الواجبات، بيد أن الإنسان لا يعترف بما أنعم الله عليه، ولا يشكر خالقه على نعمه التي لا تحصى، ومن ثم جاء الوصف القرآني للأكثرية (وذلك في عشر آيات) بعدم الشكر، منها:

قال الله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ ٧٣} ([53])، وقال تعالى: {وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ ٦٠}([54]).

{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ٢٤٣}([55]).

{وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ٣٨}([56]).

{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ٦١}([57]).

{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ ٦٠}([58]).

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ ٧٣}([59]).

{ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ١٧}([60]).

 

5: وصف الأكثرية بأنهم كافرون

الأصل في الإنسان أن يولد مفطوراً على الإيمان بالله سبحانه، بيد أن جملة من المؤثرات الخارجية تأخذ بيده ذات اليمين وذات الشمال، فإما تثبِّته على طريق الحق والخير، وإما تدفع به إلى طريق الغواية والضلال. والخطاب القرآني يفيد أن الأكثرية تختار الطريق الثاني.

قال الله تعالى: {يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨٣}([61]).

{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا ٨٩}([62]).

{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا ٥٠}([63]).

 {أَوَ لَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ ٨}([64]).

 

6: وصف الأكثرية بأنهم لا يعقلون

قال الله تعالى: {وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ١٠٣}([65]).

{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ٦٣}([66]).

{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ٤}([67]).

وهذه الآيات تخبر أن أكثر الناس لا يُعملون عقولهم فيما أنعم الله عليهم من خيرات ونعم، ولا يتأملون فيما بثه حولهم من آيات وعبر.

 

7: وصف الأكثرية بأنهم فاسقين

قال الله تعالى: {وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ ١٠٢}([68]).

أي: ما وجدنا لأكثر الناس من وفاء بعهودهم في الإيمان والتقوى بل الحال والشأن أننا علمنا أن أكثرهم فاسقون، خارجون عن طاعتنا، تاركون لأوامرنا، منتهكون لحرماتنا

 

8: وصف الأكثرية بأنهم لا يسمعون

قال الله تعالى: {كِتَٰبٞ فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ٣ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ٤}([69]).

المراد بـ (الأكثر) هنا: الكافرون الذين لا ينتفعون بهدايات القرآن الكريم. فأعرض أكثرهم عن هداياته؛ فهم لا يسمعون سماع تدبر واتعاظ، وإنما يسمعون بقلوب قاسية، وعقول خالية من إدراك معانيه، ومن الاستجابة له.

 

9: وصف الأكثرية بأنهم غافلون

قال الله تعالى: {فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ ٩٢}([70])، أي: أكثر الناس غافلون عن آيات الله، وسادرون عنها.

 

10: وصف الأكثرية بالمجادلة والمخاصمة والمعارضة

قال الله تعالى: {وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا ٥٤}([71])، ولقد بينا للناس في هذا القرآن، ووضحنا لهم الأمور، وفصلناها؛ كيلا يضلوا عن الحق، ويخرجوا عن طريق الهدى. ومع هذا البيان وهذا الفرقان، الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل، إلا من هدى الله وبصَّره لطريق النجاة.

 

ثانياً: أوصاف (الأقلية) في القرآن

في المقابل نجد أن القلة وقعت مورد المدح الإلهي خاصة في المستوى الإيماني والجهادي لأنها التعبير الصادق عن رفض الانجرار وراء الأكثرية التي توهمت أن كثرتها تجعلها محقة فيما عليه هي من الاعتقاد أو أنها طريق النصر.

ولذلك كانت الأقلية هي الناجية في مسيرة الدعوة عبر التاريخ، من لدن نوح الذي آمَنَ مَعَهُ القَلِيلٌ

قال الله تعالى: {حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٞ ٤٠}([72]).

قال الله تعالى: {فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ ١١٦}([73])، ولذلك وصفها الله تعالى بكل الصفات الحميدة، وأن الخير والإيمان والصلاح والهداية فيهم.

قال الله تعالى: {يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ وَتَمَٰثِيلَ وَجِفَانٖ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورٖ رَّاسِيَٰتٍۚ ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ ١٣}([74]).

﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ

 {إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ ...٢٤}([75])، أي: إن الصالحين من العباد قليلون، والطالحون منهم كثيرون.

قال الله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡاْ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ ٢٤٦}([76])،

{وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٖ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۖ ...١٣}([77])، أي خيانة منهم بنقض العهد وغيره إلا قليلا منهم وهم الناجين من إغواء الشَّيْطَانَ.

{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا ٨٣}([78]).

{قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا ٦٢}([79])، لئن أبقيتني حيًا إلى يوم القيامة لأستولينَّ على ذريته بالإغواء والإفساد، إلا المخلصين منهم في الإيمان، وهم قليل.


جزاء الكثرة والقلة في الآخرة

وكما يُجري القرآن الكريم مقابلة بين الفئتين في الدنيا، يُجري المقابلة بينهما في الآخرة، فتلك القلة المؤمنة التي استعلت بإيمانها، وقامت بواجبها، واستجابت لنداء الفطرة ودعوة الرسل؛ تجزى بالجنة، قال الله تعالى: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ١١ فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ١٢ ثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ ١٣ وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ ١٤}([80])،  في حين أن تلك الكثرة تواجه الجزاء الذي توعّد الله به إبليس وأتباعه وهو جهنم، قال الله تعالى: {وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبٞ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ ١٧٩}([81]).

ولذلك ينبغي أن يكون همُّ أحدنا أن يكون من عباده أهل القلة ممن التزم أمر الله ورسوله، مِن الطَّائفة الموافقة لما جاء في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وهنا يلزم معرفة صفة هذه الطائفة التي وقفت على نصوص الكتاب والسنة والتزمتها لها شرعة ومنهاجاً؟ وهذه الطائفة حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء ذكرها في أحاديث الغربة، والتي جاء فيها ثلاث روايات.

الرواية الأولى: الأولى ما جاء في صحيح مسلمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا»([82]).

الحديث الثاني: ما جاء في مسند الإمام أحمد -رحمه الله- حين ذكر هذا الحديث، وزاد فيه زيادة:

فعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: "طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ فَقِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أُنَاسٌ صَالِحُونَ فِي أُنَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ"([83]).

فانظروا هنا يمدح القلة لا يمدح الكثرة؛ بل هو يذمها؛ قال: (هُمْ نَاسٌ قَلِيلُونَ صَالِحُونَ، بَيْنَ نَاسٍ كَثِيرِينَ؛ مِنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُم). إذن من صفة هؤلاء الغرباء، الذين بشَّرَّهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بطوبى، وهي شجرة في الجنَّة، يمشي الراكب الْمُسرِع تحتها مائة عامٍ لا يقطعها.

هؤلاء هم الغرباء الذين بشَّرَّهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذه البِشَارة العُظمى؛ وهذه الصفة ينبغي أن تكون صفة عامة في الغرباء.

أما الصفة التالية التي وردت في الحديث الثالث: هي صفةٌ خاصَّة بعلماء الغرباء؛ ذلك أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال فيهم في الحديث الذي رواه الترمذي قال: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا، وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ ، إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي"([84]). وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

إذن كلمة الغرباء تعني: "المتمسكين بالكتاب والسنة، وعلى منهج السلف"؛ أي: هم الفرقة النَّاجية. انتهى كلامه.

ومن جهة أُخرى يشبه نبينا - صلى الله عليه وسلم - الكثرة بالقطيع من الإبل لا تجد فيهم واحداً يصلح للسفر.

عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً"، وعند مسلم: "النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً"([85]).

قال ابن بطال في شرح البخاري، وقوله: "الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة"، يريد -صلى الله عليه وسلم- أن الناس كثير والمَرْضِّى منهم قليل، كما أن المائة من الإبل لا تكاد تصاب فيها الراحلة الواحدة وهذا الحديث إنما يراد به القرون المذمومة فى آخر الزمان"([86]).

وهذا الحديث إنما يراد به القرون المذمومة في آخر الزمان، ولذلك ذكره البخاري في رفع الأمانة، ولم يرد به - صلى الله عليه وسلم- زمن أصحابه وتابعيهم؛ لأنه قد شهد لهم بالفضل، عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.

قَالَ عِمْرَانُ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ"([87]).

وقال الحافظ ابن حجر: "فَعَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ وَبِغَيْرِ تَكَادُ فَالْمَعْنَى لَا تَجِدُ فِي مِائَةِ إِبِلٍ رَاحِلَةً تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ لِأَنَّ الَّذِي يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَطِيئًا سَهْلَ الِانْقِيَادِ وَكَذَا لَا تَجِدُ فِي مِائَةٍ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَصْلُحُ لِلصُّحْبَةِ بِأَنْ يُعَاوِنَ رَفِيقَهُ وَيُلِينَ جَانِبَهُ"([88]).

لذلك لا ينبغي على المسلم أن يصدنه عن الحق وبيانه كثرة من ضل، فإن الكثرة لا تدل على أن الحق في جانبهم، بل إن الله قد ذم الكثرة في مواطن سبق ذكرها كما تقدم.

فكذلك يقال في الفِرق المتكاثرة والمستكثرة المخالفة لمنهج السلف هي كثيرة، وأتباع السلفية قليلون -ولا يضرهم ذلك – ولأنهم على الحق، والنصر لهذا المنهج ولو اجتمع عليهم من بأقطارها.

وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَلا يُغْلَبُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ"([89])

وكذلك ذم النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثرة وجعلها كغثاء السيل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، إذا كانت قلوب أصحابها متعلقة بحب الدنيا وكراهية الموت، وذلك هو الوهن الذي يجعل الأعداء يتكالبون على هذه الأمة.

فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"([90]). وفي رواية أحمد: "حُبُّكُمُ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ الْقِتَالَ".

جاء في عون المعبود على سنن أبي داود قوله: "أَيْ أَنَّ ذَلِكَ التَّدَاعِيَ لِأَجْلِ قِلَّةٍ نَحْنُ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ ( كَثِيرٌ ) : أَيْ عَدَدًا وَقَلِيلٌ مَدَدًا ( وَلَكِنَّكُمْ غُثَّاءٌ كَغُثَّاءِ السَّيْلِ ) : بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ وَبِالتَّشْدِيدِ أَيْضًا مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ زَبَدٍ وَوَسَخٍ ، شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتِهِمْ وَدَنَاءَةِ قَدْرِهِمْ (وَلَيَنْزَعَنَّ): أَيْ لَيُخْرِجَنَّ ( الْمَهَابَةَ ) : أَيِ الْخَوْفَ وَالرُّعْبَ ( وَلَيَقْذِفَنَّ ) : بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ: وَلَيَرْمِيَنَّ اللَّهُ (الْوَهْنَ): أَيِ الضَّعْفَ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَهْنِ مَا يُوجِبُهُ ، وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا وَكَرَاهَةِ الْمَوْتِ ، قَالَهُ الْقَارِيُّ (وَمَا الْوَهْنُ): أَيْ مَا موجِبُهُ وَمَا سَبَبُهُ . قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: سُؤَالٌ عَنْ نَوْعِ الْوَهْنِ أَوْ كَأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْوَهْنُ (قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ): وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ فِي الدِّينِ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُبِينِ، وَنَسْأَلُ اللَّهُ الْعَافِيَةَ"([91]).

الخاتمة

قد تبين لنا مما سبق أن الكثرة ليست المعيار الصحيح على بلوغ الحق، بل الحقيقة على غير ذلك وكما مرَّ معنا أن جميع الآيات الدالة على القلة والأقلية كانت هي من وافقت الصواب فنالت الثناء من خالق الأرض والسماء ورأي العقلاء، فيقال للذي يستدل بالكثرة على أنها دليل صواب المنهج إنما يستدل بقول فرعون وهو يصف أهل الحق موسى -عليه السلام- ومن معه بأنهم شرذمة قليلون، وهو ومن معه أهل كثرة وقوة وحق، وهذا هو الخطأ الكبير والضلال المبين، إنما الحق من التزم أمر الله تعالى ورسوله -صلوات ربي وسلامه عليه- وقف عند حدوده، وراقب الله في جميع أحوالك، فقد صدق من قال: انفض غبار اليأس عن كاهليك، فما نُصرت أمة بكثرة، ولا علا باطل على حق أبدا، ولو بدا لك من علوّ.. فقم واستقم كما أمرت.

كن مع الحق ولو كنت وحيداً في وقوفك أمام جحافل الباطل وشياطين الإنس والجن، فأنت قوي بإيمانك، والأعلى بإسلامك وقرآنك وصحيح اعتقادك، فإنما الحق يعلو على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وتذكر قول ابن مسعود -رضي ﷲ عنه-: «الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك»،

والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العاملين.

جمع وترتيب وتعليق

يوسف طه السعيد

 



([1]) [سورة آل عمران:102]

([2]) [سورة النساء:1].

([3]) [سورة الأحزاب:70-71].

([4]) [سورة المائدة:100].

([5]) [سورة الروم:42].

([6]) [سورة ص:24].

([7]) [سورة الجن:24].

([8]) انظر: "لسان العرب": 11/563.

([9]) انظر: "أساس البلاغة": 2/ 98.

([10]) [سورة الفرقان:44].

([11]) انظر: "تفسير الطبري": 19/ 274.

([12]) [سورة سبأ:13].

([13]) انظر: "تفسير السعدي": 676.

([14]) [سورة الأنعام:116].

([15]) [سورة المائدة:100].

([16]) انظر: "تفسير الطبري": 11/ 96.

([17]) انظر: "تفسير السعدي": 245.

([18]) [سورة الصافات:69، 70، 71].

([19]) [سورة الإسراء:89].

([20]) انظر: "تفسير الطبري": 17/ 548.

([21]) انظر: "تفسير ابن كثير": 5/ 108.

([22]) ينظر: "المعجم المحيط": 350.

([23]) [سورة يوسف:106].

([24]) [سورة الروم:42].

([25]) [سورة يوسف:103].

([26]) [سورة الرعد:1].

([27]) [يُراجع من سورة الشعراء الآيات الاتية: [8، 67، 103، 121، 139، 158، 174، 190].

([28]) [سورة يس:7].

([29]) [سورة غافر:59].

([30]) [سورة الأعراف:187].

([31]) [سورة يوسف:21].

([32]) [سورة يوسف:40].

([33]) [سورة يوسف:68].

([34]) [سورة النحل:38].

([35]) [سورة الروم:6].

([36]) [سورة الروم:30].

([37]) [سورة سبأ:28].

([38]) [سورة سبأ:36].

([39]) [سورة غافر:57].

([40]) [سورة الجاثية:26].

([41]) [سورة الأنعام:37].

([42]) [سورة الأعراف:131].

([43]) [سورة الأنفال:34].

([44]) [سورة يونس:55].

([45]) [سورة القصص:13].

([46]) [سورة القصص:57].

([47]) [سورة الزمر:49].

([48]) [سورة الدخان:39].

([49]) [سورة الطور:47].

([50]) [سورة الأنبياء:24].

([51]) [سورة الروم: 6، 7].

([52]) [سورة يونس:36].

([53]) [سورة النمل:73].

([54]) [سورة يونس:60].

([55]) [سورة البقرة:243].

([56]) [سورة يوسف:38].

([57]) [سورة غافر:61].

([58]) [سورة يونس:60].

([59]) [سورة النمل:73].

([60]) [سورة الأعراف:17].

([61]) [سورة النحل:83].

([62]) [سورة الإسراء:89].

([63]) [سورة الفرقان:50].

([64]) [سورة الروم:8].

([65]) [سورة المائدة:103].

([66]) [سورة العنكبوت:63].

([67]) [سورة الحجرات:4].

([68]) [سورة الأعراف:102].

([69]) [سورة فصلت: 3، 4].

([70]) [سورة يونس:92].

([71]) [سورة الكهف:54].

([72]) [سورة هود:40].

([73]) [سورة هود:116].

([74]) [سورة سبأ:13].

([75]) [سورة ص:24].

([76]) [سورة البقرة:246].

([77]) [سورة المائدة:13].

([78]) [سورة النساء:83].

([79]) [سورة الإسراء:62]،

([80]) [سورة الواقعة:10-14]

([81]) [سورة الأعراف:179].

([82]) أخرجه: مسلم في صحيحه: 1/131 (146)، الترمذي في جامعه: 4/314 (2629)، وابن ماجه في سننه: 2/1319 (3986)، و(3987) و(3988)، الدارمي في سننه: 3/1813 (2797).

 

([83]) أخرجه أحمد في "مسنده": 3 / 1400 (6760)، والطبراني في "الكبير": 13 / 363 (14178).

([84]) أخرجه الترمذي في "جامعه": 4 / 372 (2630)، والبزار في "مسنده": 8 / 322 (3397)، والطبراني في "الكبير": 17 / 16 (11).

([85]) أخرجه البخاري في "صحيحه": 8 / 104 (6498)، ومسلم في "صحيحه": 7 / 192 (2547).

([86]) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال: 10/ 207.

([87]) أخرجه البخاري في "صحيحه": 3 / 171 (2651)، ومسلم في "صحيحه": 7 / 185 (2535).

([88]) انظر: "فتح الباري لابن حجر: 11/ 335.

([89]) أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه": 4 / 238 (2538): وابن حبان في "صحيحه": 11 / 17 (4717)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة": 11 / 136 (129)، والحاكم في "مستدركه": 1 / 443 (1627)، وأبو داود في "سننه": (2 / 341 (2611)، والترمذي في "جامعه": 3 / 214 (1555)، والدارمي في "مسنده": 3 / 1583 (2482)، والبيهقي في "سننه الكبير" 9 / 156 (18550)، وأحمد في "مسنده": 2 / 651 (2726).

([90]) أخرجه أبو داود في "سننه": 4 / 184 (4297)، وأحمد في "مسنده": 10 / 5269 (22832)، والطيالسي في "مسنده": 2 / 333 (1085)، وابن أبي شيبة في "مصنفه": 21 / 92 (38402)، والطبراني في "الكبير": 2 / 102 (1452).

([91]) انظر: " عون المعبود على سنن أبي داود": 4/ 184.

التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث