المخلص بين التسيس والتقديس
أن فكرة المخلّص
أو المنقذ هي فكرة قديمة استخدمت عبر الزمان لأغراض مختلفة، وقد بينا أيضاً أنها
وجدت في عبر مختلف الثقافات والحضارات عبر التاريخ. وقد تم توظيف هذه الفكرة في
الجانب السياسي كثيراً، وذلك لتحقيق أهداف مختلفة، فمن الأمثلة على التوظيف فكرة
المخلص في الجانب السياسي عبر التاريخ ما جرى في مصر القديمة، إذ كان الفرعون
يعتبر إلهاً على الأرض، وكان يُنظر إليه على أنه المخلص الذي سيحمي شعبه ويقوده
إلى الازدهار.
وفي
اليهودية كان ولازال ينتظر اليهود مجيء المسيح المخلص الذي سيحررهم من الاضطهاد
والتشرد ويعيد لهم مجدهم القديم.
ولم يكن
المسيحيون لهم رأي آخر بل هم أيضاً يؤمنون بأن يسوع المسيح هو المخلص الذي جاء
ليخلص البشرية من خطاياها وذنوبهم.
والامر
نفسه في العصور الوسطى، إذ استخدمت الكنيسة فكرة المخلص لتعزيز سلطتها، حيث كانت
تقدم نفسها على أنها المؤسسة الوحيدة التي يمكن أن توصل الناس إلى الخلاص.
وكذلك في
الإسلام فإنهم يؤمن بأن المهدي المنتظر سيظهر في آخر الزمان ليقود المسلمين ويحقق
العدل والسلام في الأرض.
وفي
العصر الحديث استخدم بعض القادة السياسيين فكرة المخلص لكسب تأييد الشعب، حيث
كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم المنقذون الذين سيخلصون الأمة من مشاكلها. وكان
الهدف من التوظيف السياسي لفكرة المخلص تعبئة الجماهير، فإن استخدام فكرة المخلص
لتوحيد الناس خلف قائد أو قضية معينة منتشرة بكثرة ولاها أتباع كُثر. من جانب آخر إضفاء
الشرعية على سلطة الحاكم وتبرير أفعاله. وكذلك تحقيق أهداف سياسية معينة، مثل
الفوز بالانتخابات أو الحصول على دعم شعبي لسياسات معينة.
ولا يخفى
على المطلع أن مسألة التوظيف السياسي لفكرة المخلص لها مخاطر أهمها الاستبداد، حيث
يمكن للقائد الذي يقدم نفسه على أنه المخلص أن يستغل سلطته لقمع معارضيه، وهذا ما
شاهدناه كثيراً في أزماننا ممن يدعون أنهم وكلاء أو نواب أو ممهدون لظهور المخلص.
ومن
المخاطر الأخرى العنف، حيث يمكن للأتباع المتحمسين للقائد المخلص أن يلجؤوا إلى
العنف لتحقيق أهدافهم.
ومن
المخاطر أيضاً الفتنة، حيث يمكن أن يؤدي ظهور العديد من "المخلصين" إلى
صراعات بين أتباعهم مما يؤدي فتنة الانقسام والتمزق والتشتت في المجتمع.
ملخص من رسالتي (المخلص بين التسيس والتقديس)
وكتبه
يوسف طه السعيد
إرسال تعليق