iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

حين تسقط القيم، وتُباع الذمم

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

حين تسقط القيم، وتُباع الذمم             

الحمد لله وبعد:

في العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، توجه الجيش الإسلامي الذي بلغ عشرة آلاف مقاتل إلى مكة، ودخلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاتحاً في تواضع عجيب، حيث كان يركب ناقته القصواء وقد أحنى رأسه على رَحله تواضعًا لله ـ عز وجل- وما حُفِظ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم - رغم كثرة فتوحاته وانتصاراته، أنَّه اغترَّ أو تكبَّر بنصرٍ، أو شكر غير الله، بل ازداد تواضعاً إلى تواضعه وهو يقرأ سورة الفتح مستشعراً نعمة الفتح وغفران الذنوب، وإفاضة النصر العزيز، فهذا الفتح المبين يذكره بماض طويل الفصول، منها:

كيف خرج مُطارَدًا؟ وكيف يعود اليوم منصورًا مؤيدًا؟ وأيّ كرامة عظمى حفه الله بها؟ وكلما استشعر هذه النعمة ازداد لله خشوعًا وانكساراً، وانحناءً وتواضعاً -صلوات ربي وسلامه عليه-.

لا يخفى على ذي لب أن العالم بأجمعه بكى وكثير منهم إن لم يبكي فقد تباكى لقضية فلسطين الأخيرة، بما في ذلك ممن هم على غير ملة الاسلام؛ بل من العدو أنفسهم، وأكاد اجزم أنَّه لم يبقَ قلب في جوف امرء حيّ على وجه المعمورة إلا وتعاطف وناصر قضية الشعب الفلسطيني.

وحين وضعت الحرب أوزارها، وفرح الناس كما أهل فلسطين بوقف تلك الحرب الطاحنة، خرج علينا أصناف من الناس منهم ليس لهم من الدنيا الا النقد الهدَّام لوصف وتشخيص الموقف هناك بطريقة تشمئز منها الفطرة البشرية عوضاً عن الانتماء الديني والعربي، ومنهم من قادة -حماس- فرع الخارج، ممن ينطبق عليه المثال الدارج "اسمه بالحصاد ومنجله مكسور" ليشكروا من قتَّل أهلنا بأبشع صور التقتيل، وانتهك الحرمات بأشنع صور الانتهاكات، ولن أتكلم عن الاعراض التي جراح ذكرها تهدُّ الصخر وتفتُّ الجلمود، فما بالك بقلوب أهل الاسلام عامة والمنكوبين خاصة، إذ لازالت النساء في سجونهم، ومخيماتهم تعاني الم مرارة الهوان، ومساومة الأعراض لأجل رغيف خبز للأولاد، ثم يخرج متبجحاً ليثني على من نراهم أشد علينا من اليهود وطأة، ودون مراعاة لمشاعر ملايين ممن كان لسانه يلهج ويشغف لله تعالى بالدعوات نصرة لهم، أو حتى تعاطفاً مع الشهداء وأهاليهم في العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها.

من البداية قلنا ونقول ونكرر لسنا مع حماس واخواتها الا في باب واحد فقط؛ الا وهو -دفع العدو الصائل- وما سوى ذلك فهم في منظور العقلاء لا يختلفون عن حكام عصرنا، إذ مصالحهم وتبعيتهم فوق كل الاعتبارات.

من جهة أخرى نعلم قطعاً أنَّ دم أهل الاسلام واحد، وعدوهم وقاتلهم واحد، وإن كنت ترى الثناء لقاتل أهل الاسلام سياسة مصالح لحزبك أو جماعتك؛ فاعلم أنَّنا نكفر بتلك السياسات ككفرنا بما يعبد من دون الله التي أمرنا الله تعالى الكفر بها قبل الايمان به سبحانه، فليست الاموال التي نُهبت من المسلمين ورُدت اليكم أغلى من الدماء والأعراض والمشاعر التي انتهكت من أهليهم.

وذلك لتعلم أن ما يفتونه لك من أموال لتقتات بها وتنعم؛ هي أموال إخوانك المنهوبة من العراق وسوريا وتيقن أنك تأكل أموالهم المسلوبة ظلمًا وعدوانًا إذ الساكت كالراضي والراضي كالفاعل.

أخيراً

اعلم أيها القائد الحمساوي، أنَّك ما راعيت ولم تراعي مشاعر أمهات وآباء وزوجات وأبناء الذي قضوا على يد الذين يفتون لكم كما يُفت -للكلب المعلّم-، وثناءكم على عدوهم سهام قتَّالة فتكت أكبادهم، واعلم وتيقن أنك ما دام لُعابك يسيل لفتات الظالمين؛ فإنك في الهاوية إلا أنْ يتداركك الله برحمة منه، واعلم أنَّ من لم تراعوا لكرامتهم شيئاً، وتنكرتم تضحياتهم لكم، كانوا مشروع فداء ولا زالوا يفدون أرض فلسطين الجريحة وأهلها بأرواحهم قبل أموالهم وما قبور أهليهم في دياركم شاهد زور، ومن استنصر بغير الله ذل.

يوسف طه السعيد

التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث