إعلال الحديث بخطأ الراوي
بحثٌ يلخص مجموعة من القواعد التي يُعلّ الحديث بسببها لأجل خطأ الراوي، جمعتها معتمداً على مجموعةٍ من كتب العلل أهمها كتاب شيخنا الدكتور ماهر الفحل "الجامع في العلل والفوائد" وهو كتاب جامع نافع في بابه مجود في ترتيبه حفظ الله مصنفه.
توطئة
أهل الحديث هم أهل الحق من الصحابة والتابعين
لهم بإحسان إلى يوم الدين، وهم الغرباء، وهم الفرقة الناجية، وهم الطائفة
المنصورة، وهم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل السنة والجماعة
والسلف الصالح.
يا
قاصدًا عِلمَ الحديث يذمُّه |
|
إذ
ضلَّ عن طرق الهداية وهمُهُ |
إن
العلوم كما علمتَ كثيرةٌ |
|
وأجلُّها
فِقه الحديث وعلمُهُ |
من كان
طالبَه وفيه تيقُّظ |
|
فأتمُّ
سهمٍ في المعالي سَهمُهُ |
لولا
الحديثُ وأهله لم يستقِم |
|
دينُ
النبي وشذَّ عَنا حُكمُهُ |
وإذا
استرابَ بقولنا متحذلِقٌ |
|
فأَكَلُّ
فهمٍ في البسيطة فَهمُهُ |
الحافظ ابو طاهر السلفي
تقديم
إن
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه، أمرنا بطاعته بما أمر
بأمره، والانتهاء عما نهى عنه وزجر فقال: قوله تعالى: قوله تعالى: ]وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[([1]) وقال: ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ[([2])، وقال: ]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[([3])، وقوله: ]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ
اللَّهَ[([4]) إلى غير ذلك من الآيات. وقال عليه الصلاة
والسلام: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ
الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ"([5]).
أما بعد.
فلما كان الاشتغال بالسنة النبوية المطهرة
وعلومها أثر كبير في تقرب العبد إلى ربه، والاستقاء من رحيق وحبي السنة العذب،
وكيف لا؟ وهو يتنفس ألفاظ، وينطق عبارات خرجت من أطيب فاهٍ تكلم على وجه المعمورة
عمدت على العمل بما يمكن لخدمة السنة المطهرة وبذل ما ييسره الله تعالى لنا في
خدمتها، ثمَّ لما كان علوم الحديث من لوازم حفظ السنة ومن أهم مباحثه -علم العلل-
عمدت إلى الكتابة في هذا الباب الكبير، فهذه رسالة وسمتها بــ [إعلال الحديث بخطأ
الراوي]، وجاء سبب اختيار الموضوع لأهمية علم العلل وجلالته بين علوم الحديث، وأنَّه
قسم مهم من أقسام دراسة علم الحديث بل هي أعلاها وأهمها، ولا يدخل مضمارها إلا
الجهابذة من نقاد علم الرواية، قال الخطيب: "الْمَعْرِفَةَ بِالْحَدِيثِ
لَيْسَتْ تَلْقِينًا وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ
أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ مَعْرِفَةُ الصَّرْفِ وَنَقْدُ
الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ جَوْدَةَ الدِّينَارِ
وَالدَّرَاهِمِ بِلَوْنٍ وَلَا مَسٍّ وَلَا طَرَاوَةٍ وَلَا دَنَسٍ وَلَا نَقْشٍ
وَلَا صِفَةٍ تَعُودُ إِلَى صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ وَلَا إِلَى ضِيقٍ أَوْ سَعَةٍ
وَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ النَّاقِدُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ فَيَعْرِفُ الْبَهْرَجَ
وَالزَّائِفَ وَالْخَالِصَ وَالْمَغْشُوشَ وَكَذَلِكَ تَمْيِيزُ الْحَدِيثِ
فَإِنَّهُ عِلْمٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُلُوبِ بَعْدَ طُولِ
الْمُمَارَسَةِ لَهُ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ"([6]).
ولعل المطلع يعي أهمية علم العلل من خلال
قيود تعريف العِلة والحدود التي وُضِع لها، فيعي يقيناً أهمية هذا العلم وضرورته،
إذ أن تواجدها يكون في حديث الثقات من الرواة، لأجل ذلك نعي دقة هذا العلم
وأهميته، بل أنَّ علم العلل عزيز منذ بداية نشأته الأولى عند المتقدمين فضلاً عن
غيرهم من المتأخرين فالمعاصرين، فالمتقدمون من أهل الحديث كانوا يحكمون على الرجل
من خلال مجموع مروياته، وهذا لا يكون إلا من خلال ما يحفظونه من أحاديثه فتجد
المقل منهم والمكثر، وهو ما عناه الحافظ الخطيب البغدادي حین نقل عن الإمام أحمد
بن حنبل -رحمه الله- قوله: "الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر
بعضه بعضا"، وكذا ما قاله علي بن المديني رحمه الله: " الْحَدِيثُ إِذَا
لَمْ تَجْمَعْ طُرُقَهُ لَمْ تَفْهَمْهُ وَالْحَدِيثُ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا
"([7])، ومن خلال هذا المعنى يتضح أنَّ علم العلل
إنَّما يأتي بالتتبع والاستقراء لمرويات كل راوي، فيتضح للعالم إنْ كان ثم علة في
حديثه خفية في حديث الراوي أم لا، كما أن لعلم العلل استقلال عن باقي العلوم
الأخرى في الحديث قال الحاكم: " معرفة على الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح
و السقيم، والجرح والتعديل"([8]). بعد هذه المقدمة الموجزة كنت قد وضعت خطة
عمل أسير عليها تتكون من مباحث للتسهيل والتخفيف على الباحث والله المعين وعلى
التكلان.
مفهوم العلة
المبحث الأول: العلة في اللغة
ذكر أهل اللغة في كتبهم معنى العِلة بتعاریف
مختلف فتجد أنَّ للعلة عندهم مفاهیم مختلفة عن بعضها إلا أنَّها تجتمع في محور
معين، فلأهل الطب تعريف يختلف لِما عند أهل الفقه وأصوله، ويختلف عن تعريف
النحويين، وكذلك المتكلمين والفلاسفة وأهل الحديث، إذ لكل علم من هذه العلوم له تعريف
بحدود ما يقتضيه فنه، فعرفها بحدود ذلك وأخذ المعنى اللغوي المناسب له، وخير من
جمع هذه التعاريف في مبحث يمكن الرجوع اليه والاستفادة منه كتاب " العلة وأجناسها"
لـ مصطفى باحو، والاستاذ الدكتور نور الدين عتر في كتابه الموسوم "أصول علل
الحديث"، فبين التعريف اللغوي عند كل عِلم من هذه العلوم فقال: "للعلة
في اللغة معاني منها: المرض ومنه اعتل فهو عليل... والسبب عِلة لهذا، أي سبب
". ثم ذكر معان العلة عند كل علم مما ذكرنا من العلوم"([9])
ولتعريف العِلة في اللغة رابط يربط بينها
ذكره الأستاذ الدكتور نور الدين عتر في كتابه فقال: "والمدقق بين هذه
التعاريف يجد أنَّ ثَمة رابطاً يجمع بينهما جميعاً وذلك يرجع الى أنَّ المعنى
الاصطلاحي في كل اختصاص هو المعنى اللغوي وزيادة، وأنَّه لابد من وجود مناسبة بين
المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، والمعنى الجامع المشترك بين هذه التعاريف هو
التأثير "([10])، وبعد البحث في أصل كلمة العِلة في اللغة
تجد أنَّ الرابط المشترك بينها هو التأثير كما قال الدكتور عتر، وللمطلع على
معانيها اللغوية يعي تلك المسألة، كما سأبين التفصيل في المسألة عند التوسع في
الموضوع ان شاء الله تعالی.
المبحث الثاني: العلة بمفهوم المتقدمين
المتقدمون لم يعتنوا بتعريف مخصوص للعِلة كما
فعل المتأخرون، إنَّما كان علم العلل عندهم منهج عملي قائم على الحفظ والتتبع لطرق
الحديث والرواة، وسبر مروياتهم وحفظها وتحري وجود مواطن العلل، بخلاف ما فعله أهل
العلم من المتأخرين إذ عنو بتعريفها الاصطلاحية، كما كان من المتقدمين إذ كان
صنيعهم أنَّهم حكموا على أحاديث بالعِلة الظاهرة والخفية، وممن أكد ذلك الشيخ ماهر
الفحل فقال: "وقد قمت باستقراء كتاب "علل ابن أبي حاتم" وهو كتاب
عظيم النفع غير أنَّ مصنفه ذكر فيه العلل الخفية والجلية، فهو غير خاص بالعلل
الخفية كما يظن، وأشرت إلى الأحاديث التي أعلت بالجرح الظاهر، فوجدتها كثيرة
العدد، يزيد مجموعها على مئتين و سبعة وأربعين حديثاً، فقد أعل بالانقطاع سبعة
وعشرين حديثاً"([11])، ثم عدها حديثاً حديثاً بأرقامها، ثم ذكر أنَّ
من أعلَّ الحديث بالعِلة الظاهرة والخفية، فعد منهم الامام الدارقطني والبزار
وغيرهم، ومن أمثلة ذلك ما جاء في العلل لابن أبي حاتم قال: "وسُئِلَ أَبُو
زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُحَارِبي، عن مُطَّرِح بن يزيد، عن عُبَيدالله
بْنِ زَحْر، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ القاسِم، عَنْ أَبِي أُمامَة، عن
النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ قَالَ: وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُطَّرِحٌ ضعيفُ
الْحَدِيثِ"([12])، ويتضح لنا من هذه الرواية أنَّ الإمام أبو
زرعة قد أعلَّ الحديث بضعف الراوي وهي علة ظاهرة، ومن الأمثلة على أنَّهم كانوا
يعلون
الأحاديث بالعلل الظاهرة ما ذكره في جهالة
الراوي ومن أمثلة ذلك قول ابن أبي حاتم: "وسمعتُ أَبِي
يَقُولُ فِي حديثٍ رَوَاهُ زَمْعَة، عَنْ عِيسَى بْنِ يَزْداد، عَنْ أَبِيهِ؛
قَالَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَنْتُرْ
ذَكَرَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ أَبِي: هُوَ
عيسى بن يَزْداد بن فَساء، وليس لأبيه صُحبَة، ومِنَ الناس مَنْ يُدْخِلُهُ فِي
المسند عَلَى المجاز، وَهُوَ وأبوه مجهولان"([13])، ومن أمثلة ذلك الكثير. قال الحاكم: "معرفة علل الحديث، وهو علم
برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل"([14])، وقال الخليلي: " ان الأحاديث المروية
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أقسام كثيرة: صحيح متفق عليه، أو صحیح
معلول، أو صحیح مختلف فيه، أو شواذ أو أفراد، وما أخطأ فيه إمام، وما أخطأ فيه سيء
الحفظ، يضعف من أجله، أو موضوع وضعه من لا دين له"([15])، وقال: "فالعلة تقع للأحاديث من أنحاء
شتى لا يمكن حصرها"([16])، فتجد الخليلي ذكر أنَّ الحديث یُعل لأسباب
كثيرة فذكر منها الجلية والخفية كما في سابق قوليه.
والخلاصة: ان العلة عند المتقدمين: هي كل سبب
يقدح في صحة الحديث سواء كان غامض أو ظاهر، وهذا يتضح كثيراً من خلال صنيعهم رحمهم
الله تعالی.
المبحث الثالث: العلة بمفهوم المتأخرين
العلة في مفهوم المتأخرين تختلف عما كان عليه
المتقدمون، فقد قيد المتأخرون العلة بالأسباب القادحة الخفية دون الظاهرة، وعلى
عذا المفهوم قد عرفها الحافظ ابن الصلاح بقوله: "هي عبارة عن أسباب خفية،
غامضة، قادحة، فيه"([17]).
وعرفها النووي بقوله: "عبارة عن سبب
غامض، قادح، مع أن الظاهر السلامة منه"([18]). وقد بين ابن حجر مراد ابن الصلاح في كتابه
"النكت" بقوله: "على هذا لا يسمى الحديث المنقطع مثلا معلولاً، ولا
الحديث الذي راويه مجهول معلولاً أو ضعيف وإنما يسمى معلولاً إذ آل أمره إلى شيء
من ذلك مع كونه ظاهر السلامة من ذلك وفي هذا رد على من زعم أن المعلول يشمل كل
مردود"([19])، وللمتأمل هنا يرى أن ابن حجر قد خالف صنيع
المتقدمين كما بينا سابقاً، وجعل العلة فيما إذا كان ظاهر الحديث السلامة مع وجود
العلة الخفية، كما خالف كلام ابن الصلاح نفسه حين قال بعد أن عرف العلة بالمعنى
الخاص: "ثم اعلم أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب
القادحة في الحديث، المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف، المانعة من العمل به
على ما هو مقتضی لفظ العلة في الأصل. ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح
بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح، وسمى الترمذي "النسخ علة
من علل الحديث"، ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه
الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط، حتى قال: من أقسام
الصحيح ما هو صحیح معلول، كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ. والله
أعلم"([20])، فقال ابن حجر مراد ابن الصلاح: "أن
اسم العلة إذا أطلق على حديث لا يلزم منه أن يسمي الحديث معلولاً اصطلاحاً؛ إذ
المعلول ما علته خفية قادحة"([21])، ولهذا قال الحاكم: "إنما يُعل الحديث
من أوجه ليس فيها للجرح مدخل"([22])، ولا أرى أن هذا البيان يستقم بوجه فإذا كان
كلام ابن حجر رحمه الله: "لا يلزم منه أن يسمى الحديث معلولاً اصطلاحاً"
فماذا يسمى إذن؟! ولأجل ذلك قال الصنعاني: "وكان هذا تعريف أغلبي للعلة وإلا
فإنه سيأتي أنهم قد يعلون بأشياء ظاهرة غير خفية ولا غامضة ويعلون بما لا يؤثر في
صحة الحديث ويأتي في آخر البحث تحقيق ذلك"، ورحم الله الإمام الذهبي الذي
أوفي للأوائل حقهم فقال: "وجزمت بأنَّ المتأخرين على إياس من أن يلحقوا
المتقدمين في الحفظ والمعرفة"([23]).
ومن خلال ما ذُكر من تعريف للعلة يتضح لنا أن
العلة عند المتأخرين سبب خفي غامض من حديث الثقة، وهذا يُعرف من قولهم
"الظاهر السلامة منه" أي أن ظاهر الإسناد سلامته من الأسباب المؤدية
للضعف کالانقطاع، أو الارسال، أو ضعف في الراوي وغيرها من أسباب الضعف، لذلك قال
الدكتور ماهر الفحل: "فللعلة ركنان:
الأول: سبب خفي غامض.
الثاني: قادح في السند أو المتن أو كليهما.
ولا يكون الحديث مع إذا فقد أحد شرطية"([24]).
وبعد أنْ علمنا مفهوم العلة عند المتقدمين
والمتأخرين اتضح لنا أنَّ علم العلل علم مستقل فريد دقيق لا يخوض ويلج مضماره الا
خواص الخواص من الجهابذة من أهل الحفظ والاتقان، ولوضع حد لتعريف علم العلل فقد
عرفه الدكتور عتر بأنَّه: "هو علم بالقواعد التي تكتشف بها الأسباب الخفية
القادحة في صحة الحديث وأحكامها"([25])، وقال الدكتور ماهر الفحل: "هو علم
برأسه، وهو أكل أنواع علم الحديث وأدقها، وأمَّا أصحابه فهم جهابذة الفن في الحفظ
والإتقان، وأمَّا أدواته فهي قواعد تكشف بها الأسباب الخفية القادحة، وهو صاحب
القول الفصل في قبول الحديث ورفضه، حتى إنَّه لا يسلم كبار الحفاظ من نقده، ولا
يتكلم فيه إلا المتقنون لسائر علوم الحديث، وأساسه التمرس والتجربة العملية
الطويلة"([26]).
الاعلال بخطأ الراوي
المبحث الأول: مفهوم الخطأ
الخطأ: ما لم يُتعمد، والخِطء: ما تُعمِّدَ.
والمخطئ: من أراد الصواب، فصار إلى غيره، والخاطئ: من تعمد لما لا ينبغي، الخطأ
والخطاء: ضد الصواب، قال تعالى :{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ
بِهِ}([27]) عداه بالباء لأنه في معنى عثرتم أو غلطتم،
وأخطأ الطريق، عدل عنه، وأخطأ الرامي الغرض: لم يصبه، والخطأ: ما لم يتعمد،
والخطأ: ما تعمد، وقال الأموي: المخطئ: من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ: من
تعمد ما لا ينبغي، والخطيئة الذنب على عمد، والخطأ: الذنب في قوله تعالى : {إِنَّ
قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}([28]) أي إثماً، وقال تعالى: فيما حكاه عن أخوة
يوسف: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}([29])"، "أي أثمين"([30]) أما معنى الخطأ في الاصطلاح: فهو قريب من
المعنى اللغوي، قال الحافظ ابن رجب: "الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئا فيصادف
فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلما"([31]). وقال الجرجاني: "الخطأ وهو ما ليس
للإنسان فيه قصد... [حتى قال]: كما إذا رمى شخصاً ظنه صیداً أو حربیاً فإذا هو
مسلم"([32]).
ويمكن تعريف الخطأ بأنَّه: كل ما يصدر من
الانسان من قول أو فعل عن إرادة فيكون القصد على غير ما أراد.
والخطأ عند أهل الحديث أنْ يقع الراوي بأحد
الأخطاء التي ذكرها أهل الصَّنعة الحديثية من زيادة ونقص وتقديم أو تأخير أو تصحيف
أو قلب الاسناد أو المتن وغيرها، وكل هذه تُعد أخطاء في الرواية، قال الدكتور ماهر
الفحل: "والإعلال بالخطأ يشمل ما أخطأ فيه الراوي بزيادة أو نقصان، أو تقديم
أو تأخير، أو إبدال كلمة بأخرى، أو جملة بأخرى، أو وهم، أو صحف، أو حرف، أو قلب في
السند أو في المتن"([33])، ومن أمثلة الخطأ ما ذكره ابن حجر بعد أن
نقل كلاماً لابي زرعة الرازي فقال: "قال أبو زرعة وقد سألت عنه أحمد بن صالح
فقال لي مثل قول أحمد بن حنبل وقال إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال لنا أبو اليمان
الحديث حديث الزهري والذي حدثتكم عن ابن أبي حسين غلطت فيه بورقة قلبتها"([34])، وعلى غرار هذا كثير، فيتضح لنا مما سبق أنَّ
الانسان مهما علا شأنه في الحفظ والإتقان فلابد أنْ يعتريه الخطأ والنسيان وهذه
صفة جبليِّة عند بني البشر، والرواة بشر يعتريهم الخطأ والوهم كغيرهم ولا عصمة الا
للأنبياء، قال أبو يعلى الخليلي: "وإذا أسند لك الحديث عن الزهري أو عن غيره
من الأئمة فلا تحكم بصحته بمجرد الإسناد فقد يخطئ الثقة"([35])، وقال ابن المبارك: "ومن يسلم من
الوهم؟!"([36])، وقال ابن معين: "من لا يخطئ في
الحديث، فهو كذاب "([37]).
وبعد
ما تقرر نعلم أنَّ للرواة أخطاء ولا ينكرها أحد، إنَّما هذه الأخطاء كذلك لا
يدركها إلا الحذاق من أهل الحديث العارفون بعلل الأسانيد ومتونها ولديهم الاطلاع
الواسع في مخارجها، واحوال الرواة ومروياتهم، لانَّ الخطأ يطرأ على الراوي إمَّا
في السند أو المتن أو في كليهما فليزم للمشتغل في العلل أنْ يكون على ما ذكرنا من
صفات حتى يدرك العلة ومظانها.
المبحث الثاني: الخطأ بسبب اختصار الحديث.
اختصار الحديث معناه: أنْ يحذف راويه، أو
ناقله شيئاً منه فيرويه إمَّا مختصرة لأجل طوله، أو ينقله بمعناه، وانَّ رواية
الحديث بالاختصار هو من أسباب تعليل الأخبار، قال ابن ابي حاتم في العلل:"
كثيراً ما تقع العِلةُ في الحديثِ بسبب اختصار بعض الرواة للحديث، أو روايته
بالمعنى، على نحوٍ يُغيِّرُ معنى الحديث، فيُظنُّ أنَّه حديث آخر"([38])، والعلماء مختلفون على حكم اختصار الحديث
على أقوال:
الأول: منع اختصار الحديث مطلقاً فربما أخل
المختصِر للحديث من معنى الحديث دون قصد.
القول الثاني: جواز ذلك مطلقاً، وبه قال مجاهد
وابن معين وغيرهما.
القول الثالث: التفصيل: أجازه إن أتم بحيث
أمن بذلك من تفويت حكم أو سنة، أو نحو ذلك وإلا فلا.
القول الرابع: الرابع: يجوز اختصار الحديث
والاقتصار على بعضه إذا كان فاعل ذلك عالماً عارفاً، وكان ما ترکه متميزاً عمَّا
نقله غیر متعلق بِه، بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما ترکه
([39]).
ومثال ذلك "لا يقضين حكم بين اثنين وهو
غضبان"([40])، فلا يمكن حذف (وهو غضبان)، وكذلك حديث:
"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"([41])، لا يمكن حذف (المبرور) لأنَّه يخل بمعنى
الحديث و تمام مراده، فإذا لم يخل بالمعني جوز أصحاب هذا القول الاختصار، ومن
الأمثلة على إعلال الحديث لأجل اختصاره حديث شعبة عند الطيالسي وغيره قال: حَدَّثَنَا
أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ"([42]) . قال ابن أبي حاتم: "وسمعت أبي وذكر
حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: "لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ"، قال أبي: هذا وهم؛
اختصر شعبة متن هذا الحديث ؛ فقال: لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ.
ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي
هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ رِيحًا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلَا يَخْرُجْ
حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا"([43]).
مثال آخر: روى مسلم قال: حَدَّثَنَا هَارُونُ
بْنُ مَعْرُوفٍ ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،
أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : أُقِيمَتِ
الصَّلَاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ
يُكَبِّرَ ذَكَرَ فَانْصَرَفَ وَقَالَ لَنَا : مَكَانَكُمْ فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا
نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدِ اغْتَسَلَ يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً ،
فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا"([44])، ورواه مسلم أيضاً من طريق: "الْوَلِيدُ
بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي
أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ
لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْخُذُ النَّاسُ
مَصَافَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَقَامَهُ"([45]).
قال ابن رجب في الكفاية: "وقد ذكر
الدارقطني وغير واحد من الحفاظ أن هذا الحديث اختصره الوليد بن مسلم من الحديث
الذي قبله، فأتي به بهذا اللفظ"([46]).
هذه بعض الأمثلة على إعلال الحديث بسبب
الاختصار، لذلك نبه الأوائل على قضية الاختصار وشددوا على أنَّ الاختصار لا ينبغي
الا بشروط ما وضعه العلماء وذكرناه سابقاُ.
المبحث الثالث: الخطأ بسبب رواية الحديث بالمعنى.
معلوم قطعاً أن أغلب الأحاديث التي تروي عن
النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينطقها النبي بحروفها وترتيبها كاملة كما هي عندنا،
ولكنه في الأخير كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجملة، وتغاير الألفاظ يُحمل
على المعنى في الغالب، ومسألة اختصار الحديث لم تمر على جيل عصر الرواية، إنَّما
تنبهوا لذلك وبينوه خیر بیان، ولذلك عدوه جزء من المسائل التي تعل الحديث، وقد نبه
ابن أبي حاتم في العلل عن هذا الموضوع فقال: "كثيرًا ما تقع العِلَّةُ في
الحديثِ بسببِ اختصارِ بعضِ الرواةِ للحديثِ، أو روايتِهِ بالمعنى، على نَحْوٍ
يُغَيِّرُ معنى الحديث، فيُظَنُّ أنه حديثٌ آخَرُ"([47])، وقد استشرى هذا الامر حتى وصل إلى الدعاة
والخطباء وعام الناس، إذ تراهم يتحدثون بأحاديث مشهورة في واقعنا المعاصر تُذكر
على غير لفظها الصحيح وربما يكون ذلك بسبب الرواية بالمعنى کحديث "خير القرون
قرني ثم الذي ..." فهذا الحديث رواه البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن مسعود
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ...". ، ثم الذين يلونهم
، ثم الذين يلونهم .... "، وأيضاً حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله
إلا... " والصحيح بأن لفظ الحديث: "إذا مات الإنسان"([48]). فالنقل بالمعنى تكلم عنه أهل العلم وبينوا
الخلاف في حكمه حتى وضعوا له شروطاً وضوابط، منها ما قاله الحافظ ابن حجر في شرح
النخبة إذ قال: "وأما الرواية بالمعنى فالخلاف فيها شهير والأكثر على الجواز
أيضاً ومن أقوى حججهم الإجماع على شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به فإذا جاز
الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى، وقيل إنَّما يجوز في المفردات دون
المركبات، وقيل إنَّما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه، وقيل إنَّما
يجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسی لفظه وبقي معناه مرتسماً في ذهنه فله أنْ يرويه
بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم منه بخلاف من كان مستحضر للفظه وجميع ما تقدم يتعلق
بالجواز وعدمه، ولا شك أنَّ الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه، قال
القاضي عياض: "ينبغي سد باب الرواية بالمعني لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن
أنه يحسن كما وقع لكثير من الرواة قديما وحديثا والله الموفق"([49])، وجاء عن سفيان الثوري أنَّه يرى بجواز
الرواية بالمعنى، وقد وردت روايات عنه بذلك منها ما جاء عن زيد بن حباب، عن رجل،
قال: "خرج إلينا سفيان الثوري، فقال: إن قلت لكم: إني أحدثكم كما سمعت، فلا
تصدقوني، إنما هو المعنى"، وقال الترمذي: "حدثنا الحسين بن حريث، قال:
سمعت وكيعاً يقول: "إن لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس"([50]). وروى الخطيب بسنده عن الثوري الجواز وينصر
مذهبه وهو رأي الجمهور: أخبرني الحسين بن على الطناجيري قال انا عمر بن احمد بن
عثمان الواعظ قال ثنا الحسين بن احمد بن بسطام الزعفراني قال ثنا سلمة بن شبيب قال
ثنا عبد الرزاق قال قلت لسفيان الثوري حدثنا بحديث أبي الزعراء كما سمعت قال: يا
سبحان الله ومن يطيق ذلك إنَّما نجیئکم بالمعنى"([51]).
مثال ثاني في هذا المعنى قال الخطيب البغدادي بعد أن
ذكر حديث «نهى رسول الله -صلی الله عليه وسلم- أن يتزعفر الرجل»: "حدثني محمد
بن أحمد بن علي الدقاق قال: ثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي، قال: ثنا أبو محمد بن خلاد،
قال: حدثني عمر بن غالب، قال: ثنا أبو يحيى العطار قال: سمعت إسماعيل بن علية يقول:
روى عني شعبة حديثاً واحداً فأوهم فيه، حدثته عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس: "أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل" فقال شعبة: إن النبي -صلى
الله عليه وسلم- نهى عن التزعفر" قلت: أفلا ترى إنكار إسماعيل على شعبة
روايته هذا الحديث عنه على لفظ العموم في النهي عن التزعفر، وإنَّما نهى عن ذلك للرجال خاصة، وكأن شعبة قصد
المعنى ولم يفطن لما فطن له إسماعيل فلهذا قلنا: إن رواية الحديث على اللفظ أسلم
من روايته على المعنى"([52]).
ومثال ثالث وهو ما أخرجه البخاري قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، قَالَ
: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ : أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ -
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ شَبِيبَةٌ مُتَقَارِبُونَ ،
فَأَقَمْنَا عِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا
أَهْلِينَا - أَوِ اشْتَقْنَا - سَأَلَنَا عَمَّا تَرَكْنَا بَعْدَنَا ،
فَأَخْبَرْنَاهُ ، فَقَالَ : ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ
وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا وَأَشْيَاءَ لَا
أَحْفَظُهَا وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ، فَإِذَا حَضَرَتِ
الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ"([53])، وزاد مسلم في رواية: "وَكَانَا
مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ"([54])، وزاد أبو داود في رواية: "وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي
الْعِلْمِ([55])"، قال ابن رجب: "ورواه حماد بن
سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
قال: [يؤم القوم أكبرهم سناً]". ذكره أبو بكر الأثرم، وقال: غلط حماد في
لفظة، وإنما رواه بالمعنى"([56]).
المبحث الرابع: الخطأ في زيادة لفظة في الحديث
قبل الدخول في مبحث زيادة اللفظ في الحديث
لابد من مقدمة يسيرة عن زيادة الثقة، فالأصل في زيادة الثقة قبولها مطلقاً، وذلك
لانَّ هذه الزيادة جاءت عن ثقة حافظ ضابط، ولا عبرة بزيادة الضعيف المتكلم فيه لأنَّها
مردودة في الأصل، قال الخطيب البغدادي: "باب القول في حكم خبر العدل إذا
انفرد برواية زيادة فيه لم يروها غيره، قال الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث:
زيادة الثقة مقبولة إذا انفرد بها"([57])، وذكر أقوال العلماء وفصل في ذلك وبين
مرادهم في هذه الزيادة وأنَّ منهم من قبلها مطلقاً، ومنهم من ردها مطلقاً، ومنهم
من فصل فيها القول فجعلها أنواع وكل نوع له حكم خاص به، وسبب خلاف العلماء كما
بينا سابقاً هو كونها وقعت من ثقة.
زيادة الثقة معناه: "زيادة في الحديث عن
بقية الرواة عن شيخ لهم "([58])، وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: " إن
يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد، ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم
يذكرها بقية الرواة"([59])، ومن وقف على قيد ابن رجب في قوله:
"بإسناد واحد و متن واحد" يجد أنَّه قيد مهم جداً فإنَّه قد بين معنى
هذا القيد بقوله: "فإذا رُوي حديثان مستقلان في حادثة، وفي أحدهما زيادة
فإنها تقبل من الثقة، كما لو انفرد الثقة بأصل الحديث، وليس هذا من باب زيادة
الثقة ..."([60])، وتعقب الحافظ ابن حجر هذا القيد وأكد على
ذلك بقوله: "واعلم أن هذا كله إذا كان للمتن سند واحد، أما إذا كان له سندان
فلا يجري فيه هذا الخلاف"([61])، وقال الشيخ ماهر الفحل: "وزيادة الثِّقة:
هي ما يتفرد به الثقة في رواية الحديث من لفظة أو جملة في السَّند أو المتن([62]).
أقسام الزيادة
الزيادة في الحديث أقسام كان أهل العلم قد
ذكروا بيانها، وفصلوا ما يعل في الحديث من الزيادات مما لا يعل، وقبل ذكر تفصيلها
يلزم أنْ يعلم أن الزيادة الحاصلة من صحابي على صحابي آخر لا تدخل تحت هذه
المسألة، قال ابن حجر: "أما الزيادة الحاصلة من بعض الصحابة على صحابي آخر
إذا صح السند إليه فلا يختلفون في قبولها"([63]). وأما الزيادة فيما دون الصحابة فهي محل
البحث في هذا الباب، قال ابن جماعة: "زيادة الثقة وهي أقسام:
أحدها: زيادة تخالف ما رواه الثقات وحكم هذه
الرد كما سبق في الشاذ.
الثاني: زيادة حديث يخالف فيه غيره بشيء أصلا
فهذا مقبول ونقل الخطيب اتفاق العلماء عليه.
الثالث: زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر
من رواه"([64]).
شروط قبول زيادة الثقة
اشترط العلماء لقبول الزيادة شروطاً قيدوا
فيها الزيادة الواردة في الحديث، فكما ذكرت سابقاً ليس كل زيادة تقبل فالزيادة من
الضعيف غير مقبولة؛ لأنَّ حديثه مردود من أصله سَواء زاد في الحديث أم لا، أمَّا
الزيادة من الثِّقة فهي مجال الكلام عنها، قال الرزکشي ([65]) لقبول زيادة الثقة شروط:
1-
أن لا تكون منافية
لأصل الخبر.
2-
أن لا تكون عظيمة
الوقع بحيث لا يذهب على الحاضرين علمها ونقلها أَمَّا مَا يَجُلُّ خَطَرُهُ،
فَبِخِلَافِهِ.
3-
أن لا يكذبه
الناقلون في نقل الزيادة.
4-
أن لا يُخَالِف
الأحفظ والأكثر عدداً فإنْ خالف فظاهر کلام الشَّافِعيّ في "الأم"
إنَّها مردودة فقال: " إنَّما يدل على غلط المحدّث أن يُخَالِف غيره ممن هو
أحفظ منه أو أكثر منه"([66]).
أما المتقدمون فقد نقل العلائي رأيهم في هذا
الباب فقال: "أما أئمة الحديث کیحیی بن سعيد القطان، وعبد الرحمان بن مهدي
وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري، والترمذي، والنسائي،
وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، والدارقطني، وغيرهم كُل هؤلاء يقتضي تصرفهم من
الزيادة قبولاً ورداً الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حيث، ولا
يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جميع الأحاديث "([67])، وهذه الزيادات ليس لها قاعدة تنضبط إليها
او تركز لها، إنما لكل قاعدة حال يختلف عن الأخرى ووجوه الترجيح فيها لا تنحصر
بضوابط لذلك تجد المتقدمون يحكمون على كل زیادة بما توصلوا له من ترجیح يختلف على
الزيادة الأخرى، قال ابن حجر نقلاً عن العلائي قوله: "ووجوه الترجيح كثيرة لا
تنحصر، ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص،
وإنَّما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات، ولهذا لم يحكم
المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة، بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم
عندهم في كل حديث بمفرده"([68]).
المبحث الخامس: خطأ الراوي في الاختلاف (الوصل
والارسال).
كما تقدم في أن الزيادة تكون على نوعين
الأول: الزيادة في السند، الثاني: الزيادة في المتن، فزيادة الاسناد غالباً ما
تكون في الوصل والارسال، والرفع والوقف.
ومن الأمثلة على الزيادة في السند، حديث أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ"([69]).
قال الترمذي: " «وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى
حَدِيثٌ فِيهِ اخْتِلَافٌ». رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ، وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،
وَأَبُو عَوَانَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَزَيْدُ
بْنُ حُبَابٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الحَدَّادُ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا.
وَرَوَى شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ».
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ،
عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى
وَلَا يَصِحُّ.
وَرِوَايَةُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»، عِنْدِي
أَصَحُّ، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ،
وَإِنْ كَانَ شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ أَحْفَظَ وَأَثْبَتَ مِنْ جَمِيعِ
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الحَدِيثَ، فَإِنَّ
رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ عِنْدِي أَشْبَهُ لِأَنَّ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيَّ سَمِعَا
هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ
عَلَى ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
دَاوُدَ قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ
يَسْأَلُ أَبَا إِسْحَاقَ: أَسَمِعْتَ أَبَا بُرْدَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»؟
فَقَالَ: نَعَمْ، فَدَلَّ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ سَمَاعَ شُعْبَةَ
وَالثَّوْرِيِّ هَذَا الحَدِيثَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ثَبْتٌ
فِي أَبِي إِسْحَاقَ"([70]).
ومن الأمثلة على رد زيادة الثقة في المتن ما رواه الطيالسي من حديث أيمن بن نابل
الحبش قَالَ: حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ
جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ: «بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ،
وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ
الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ
مِنَ النَّارِ»([71])، وزاد في آخره: "أسأل الله الجنة،
وأعود بالله من النار"، فخالف أيمن فيها سائر الرواة عن أبي الزبير، وأيمن
وثقه یحيى بن معین([72])، وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول:
أيمن بن نابل شيخ"([73]).
قال مسلم في التمييز: "فقد اتّفق
اللَّيْث وَعبد الرَّحْمَن بن حميد الرُّؤَاسِي عَن أبي الزبير عَن طَاوُوس وروى
اللَّيْث فَقَالَ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس وكل وَاحِد من هذَيْن عِنْد
أهل الحَدِيث أثبت فِي الرِّوَايَة من أَيمن وَلم يذكر اللَّيْث فِي رِوَايَته
حِين وصف التَّشَهُّد بِسم الله وَبِاللَّهِ فَلَمَّا بَان الْوَهم فِي حفظ أَيمن
لاسناد الحَدِيث بِخِلَاف اللَّيْث وَعبد الرَّحْمَن اياه دخل الْوَهم أَيْضا فِي
زِيَادَته فِي الْمَتْن فَلَا يثبت مَا زَاد فِيهِ وَقد رُوِيَ التَّشَهُّد عَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أوجه عدَّة صِحَاح فَلم يذكر فِي شَيْء
مِنْهُ بِمَا روى أَيمن فِي رِوَايَته قَوْله بِسم الله وَبِاللَّهِ وَلَا مَا
زَاد فِي آخِره من قَوْله أسأَل الله الْجنَّة وَأَعُوذ بِاللَّه من النَّار
وَالزِّيَادَة فِي الاخبار لَا يلْزم الا عَن الْحفاظ الَّذين لم يعثر عَلَيْهِم
الْوَهم فِي حفظهم "([74]).
وقال الدارقطني: "وحديث ابن عباس أشبه
بالصواب من حديث جابر"([75]).
المبحث السادس: الخطأ في ابدال راوي براو آخر
وهذا النوع من الخطأ يدخل تحته جملة من
الأنواع الحديثية، وجعلوا لكل نوع اسمه ونوعه، وقد أفرد العلماء وأهتموا بالمصحف
من الأسماء والمحرف، والمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، والمتشابه من الكنى
والألقاب والأنساب، مثال ذلك: حدیث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي
صعير عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صَاعٌ مِنْ بُرٍّ
أَوْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ اثْنَيْنِ"([76]). قال الدارقطني: " وَسُئِلَ عَنْ
حَدِيثِ أَبِي صُعَيْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؛ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَدُّوا صَاعَ قَمْحٍ عَنِ الصَّغِيرِ
وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ، وَالْمَمْلُوكِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى،
وَالْغَنِيِّ، وَالْفَقِيرِ.
فَقَالَ: يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ،
وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ: عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ.
وَقِيلَ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقِيلَ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وَقِيلَ: عَنْ عُقَيْلٍ، وَيُونُسَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، مُرْسَلًا"([77]).
المبحث السابع: الخطأ بوهم الراوي.
إن خطأ الراوي الثقة أو وهمه لا يستلزم
تضعيفه، إنَّما يصير الامر الى متابعة مروياته ثم النظر في عدد ما يرويه من مرويات
صحيحة فإذا غلب على مروياته الصحة ولا تخالف مرويات الثقات فلا يضر ذلك في مروياته
لانَّ الوهم والخطأ أمر يطرأ على بني البشر كما أشرت سابقاً، ومثاله ما جاء في
العلل لابن أبي حاتم قال: " وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليد بن مسلم،
عن عبد الرحمن بْنِ نَمِرٍ اليَحْصُبِيِّ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَة، عَنْ
مَرْوان، عَنْ بُسْرَة، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- : أَنَّهُ كانَ يأمُرُ
بالوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ، والمرأةَ مثلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَبِي: هَذَا
حديثٌ وُهِمَ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أنَّ الزُّهْري يرويه عن عبد
الله ابن أبي بكر. وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ"([78]).
وقال: " وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ
حديثٍ رَوَاهُ عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبة، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَمَان، عَنْ
سُفْيان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ؛
قَالَ: كَانَ السِّوَاكُ مِنْ أُذُنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- موضعَ القَلَمِ
مِنْ أُذُنِ الكاتِبِ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا وَهَمٌ؛ وَهِمَ
فيه يحيى ابن يَمَان"([79]). قال البيهقي: "وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ
لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ غَلِطَ مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَوَّلِ إِلَى هَذَا"([80])، وقصد البيهقي: من حديث عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التيمي ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى
أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قَالَ : فَكَانَ
زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ سِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ
الْكَاتِبِ ، فَلَا يَقُومُ لِصَلَاةٍ إِلَّا اسْتَنَّ ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي
مَوْضِعِهِ"([81]).
والمثال الآخر: وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ
سُلَيمان بْنُ حَرْب، عَنْ شُعْبَة، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْران، عَنْ أَبِي
رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هريرة: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ؛ فَلاَ يَبْزُقَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، وَلاَ
عَنْ يَسَارِهِ، وَلاَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى،
فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَفِي ثَوْبِهِ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا رُوِيَ عن
النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَبْزُقَ عَنْ يسارِه أصحُّ مِنْ
هَذَا الَّذِي ذُكِرَ: وَلا يَبْزُقْ عَنْ يسارِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَخْطَأَ سُلَيمانُ
بْنُ حَرْب فيما روى من مَتْن ِ هَذَا الْحَدِيثِ: بأنْ لا يَبْزُقَ عَنْ
يَسَارِهِ؛ فَقَدْ حدَّثنا أَبِي، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ وآدَمَ العَسْقلانيِّ، عن
شُعْبَة، عن القاسم ابن مِهْران، عن أبي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ
يُصَلِّي فَلاَ يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيهِ وَلاَ عَنْ يَميِنِهِ، وَلَكِنْ عَنْ
يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ.
هَكَذَا متنُ حديثِ أَبِي الْوَلِيدِ وآدَمَ
عَنْ شُعْبَة.
وَرَوَاهُ
هُشَيم، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مِهْران، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتَّفَقَ متونُ سائرِ
الأحاديثِ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثل ذَلِكَ سَوَاءٌ"([82]).
وقال
ابن رجب الحنبلي: " وأخطأ سليمان في قوله: [ولا عن يساره]؛ فقد رواه أصحاب
شعبة، عنه، وقالوا: [ولكن عن يساره تحت قدمه] -: ذكره ابن أبي حاتم، وقد خرجه مسلم
في [صحيحه] كذلك"([83]).
ثمَّ إني ٌول أنَّ باب إعلال الحديث بخطأ
الراوي باب كبير واسع، اختصرت ما يمكن اختصاره، وإني عازم بعقد النية على تطوير
البحث، واستكمال جميع تفاصيله ودقائقه وجعله في كتاب مستقل على قدر المستطاع ان
شاء الله، وذلك أنَّ هذا الموضوع منثور في بطون الكتب، فرأيت من الطيب إفراده
بكتاب مستقل تكثر في الأمثلة لبيان المعنى المرجو. نسأل الله تعالى أن يبارك في
الجهد والعمر، وان يستعملنا في طاعته على خدمة سنة نبيه عليه الصلاة والسلام إنه
ولي ذلك والقادر عليه، هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من نقص أو سهو أو
نسيان فمن نفسي، وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الخاتمة.
ومن خلال
رحلتي الرائعة وانا اتجول في كتب العلل وأقوال العلماء اكاد أجزم أنَّ علم علل
الحديث من أنبل أهم العلوم التي بها حفظ الله السنة المطهرة، وبين الصحيح من
السقيم، وأظهرت ما أُخفي من علل وأسقام في الاسانيد والمتون والتي غابت عن كثير
ممن لم يبرعوا في هذا الفن، كما أني صولت لمجموعة من النتائج يمكن تلخيص المهم
منها بالتالي:
1-
علم العلل علم مستقل
قائم بنفسه، وهو خاص بجيل عصر الرواية.
2-
هذا العلم لم يتكلم
فيه الا العلماء الحفاظ الحذاق جبال الحفظ والتقوى.
3-
لا توجد قواعد ثابتة
في هذا الفن إنَّما يُعتمد فيه على تتبع واستقراء مرويات الرواة.
4-
الخطأ والوهم يقع في
رواية الثقات وهي صفة ملازمة لبني البشر الا الأنبياء.
5-
لا يلزم من خطأ ووهم
الراوي الثقة أن ترد روايته إذما أخطأ أو وهم في رواية أو أكثر.
6-
وأن الخطأ يكون بسبب
اختصار الحديث.
7-
ويكون في زيادة لفظة
في الحديث "زيادة الثقة في السند أو في المتن".
8-
ويكون الراوي في
الاختلاف (الوصل والارسال).
9-
ويكون في ابدال راوي
بر او آخر.
10-
ويكون بوهم الراوي.
كما إني
أوصي نفسي وأخواني أن يراعوا التالي من التوصيات:
1-
إخلاص النِّية لله
تعالى في السر والعلن وهو ما أصي به نفسي أولاً ثم إخواني.
2-
علم الحديث لا يؤخذ
بالتصحيف؛ إنَّما على يد العلماء العارفين بهذا العلم المتقنون لصنعته المتمرسون
المتبحرون في الاسانيد والمتون الضابطين لها.
3-
يلزم طالب الحديث
مداومة المطالعة والنظر في كتب المتقدمين فهي محشوة بالحكم على الرواة والأحاديث.
4-
عدم الحكم على
الأحاديث من ظاهر أسانيدها وإنْ جاءت من طرق الثقات فإنَّ العلل تكمن في أحاديثهم.
5-
الايمان المطلق بأنَّ
هذا الفن ما وُجد الا لحفظ السنة المطهرة.
هذا وما
كان من توفيق وفضل فمن الله وحده، وما كان من سهو أو نقص أو نسيان فمن نفسي والله
ورسوله منه براء، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
تم
الفراغ منه في يوم الاثنين الموافق 19/11/2018م
۱۲/ ربيع الأول
1440 من هجرة المصطفى
صلوات
ربي وسلامه عليه.
المصادر
1-
أثر اختلاف الأسانيد
والمتون في اختلاف الفقهاء: ماهر یاسین فحل الهيتي.
2-
اختصار علوم الحديث:
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير.
3-
الإرشاد في معرفة
علماء الحديث: أبو يعلى الخليلي.
4-
إكمال تهذيب الكمال
في أسماء الرجال: مغلطاي البكجري.
5-
الأم: الشافعي أبو
عبد الله محمد بن إدريس.
6-
البحر المحيط في
أصول الفقه: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي.
7-
تاريخ ابن معین
(رواية الدوري).
8-
تدريب الراوي في شرح
تقريب النواوي: جلال الدين السيوطي.
9-
تذكرة الحفاظ: شمس
الدين الذهبي.
10-
التعريفات: علي بن
محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني.
11-
التمييز: مسلم بن
الحجاج أبو الحسن القشيري.
12-
تهذيب التهذيب: لابن
حجر العسقلاني.
13-
توجيه النظر إلى
أصول الأثر: طاهر بن صالح السمعوني.
14-
توضيح الأفكار
لمعاني تنقيح الأنظار: محمد بن إسماعيل الكحلاني ثم الصنعاني.
15-
جامع العلوم والحكم:
لابن رجب الحنبلي.
16-
الجامع الكبير - سنن
الترمذي.
17-
الجامع في العلل
والفوائد: ماهر یاسین فحل الهيتي.
18-
الجامع لأخلاق
الراوي وآداب السامع: الخطيب.
19-
الجرح والتعديل: أبو
محمد ابن أبي حاتم الرازي.
20-
سنن ابن ماجه: ابن
ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني.
21-
سنن أبي داود: أبو
داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني.
22-
السنن الكبرى: أحمد
بن الحسين أبو بكر البيهقي.
23-
السنن الكبرى: أحمد
بن الحسين أبو بكر البيهقي.
24- شرح علل
الترمذي: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي.
25-
شرح معاني الآثار:
أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي.
26-
صحيح ابن ريمة: أبو
بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.
27-
العلة وأجناسها: لا مصطفى
باحو.
28-
العلل الواردة في
الأحاديث النبوية: أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني.
29-
العلل لابن أبي
حاتم: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد ابن أبي حاتم الرازي.
30-
فتح الباري شرح صحيح
البخاري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
31-
فتح الباري شرح صحيح
البخاري: لابن رجب بن الحسن الحنبلي.
32-
فتح المغيث بشرح
النية الحديث للعراقي: شمس الدين أبو الخير السخاوي.
33-
الكامل في ضعفاء
الرجال: أبو أحمد بن عدي الجرجاني.
34-
الكفاية في علم
الرواية: أبو بكر الخطيب البغدادي.
35-
لسان العرب: محمد بن
مکرم ابن منظور الأنصاري الإفريقي.
36-
لمحات موجزة في أصول
على الحديث: نور الدين عتر.
37-
مختار الصحاح: زين
الدين أبو عبد الله محمد الرازي.
38-
المستدرك على
الصحيحين: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري.
39-
مسند أبي داود
الطيالسي: أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي.
40-
مسند الإمام أحمد بن
حنبل.
41-
المصنف في الأحاديث
والآثار: أبو بكر بن أبي شيبة.
42-
المصنف: لـ عبد
الرزاق بن همام الصنعاني.
43-
المعجم الوسيط: مجمع
اللغة العربية بالقاهرة.
44-
معرفة أنواع علوم
الحديث، ويعرف بمقدمة ابن الصلاح.
45-
المنتقى من السنن
المسندة: أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري.
46-
المنهل الروي في
مختصر علوم الحديث النبوي: أبو عبد الله بن جماعة الكناني.
47-
نزهة النظر في توضيح
نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: لابن حجر العسقلاني.
48-
النكت على كتاب ابن
الصلاح: لا بن حجر العسقلاني.
49-
النهاية في غريب
الحديث والأثر: مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير.
المحتويات
المبحث الثاني: العلة بمفهوم المتقدمين
المبحث الثالث: العلة بمفهوم المتأخرين
المبحث الثاني: الخطأ بسبب اختصار
الحديث.
المبحث الثالث: الخطأ بسبب رواية
الحديث بالمعنى.
المبحث الرابع: الخطأ في زيادة لفظة في
الحديث
المبحث الخامس: خطأ الراوي في الاختلاف
(الوصل والارسال).
المبحث السادس: الخطأ في ابدال راوي
براو آخر
المبحث السابع: الخطأ بوهم الراوي.
([30]) ينظر: "لسان
العرب": 1/ (65-68)، و"مختار الصحاح": (92)، و"النهاية في
غريب الحديث": 2/ (44)، المعجم الوسيط": 1/ (142).
([39]) ينظر لما سبق من أقوال
العلماء في خلافهم على حكم اختصار الرواية: "الكفاية" للخطيب البغدادي:
(191)، و"فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي": 3/ (101-103)،
و"معرفة أنواع علوم الحديث": (219)، وتوجيه النظر إلى أصول الأثر"
لطاهر بن صالح السمعوني: 2/ (703).
([42]) أخرجه الطيالسي في
"مسنده": (2544)، وعبد الرزاق في مصنفه": (474)؛ وابن أبي شيبة في
"مصنفه": (8081)، وأحمد في "مسنده": (1436)، وابن ماجه في
"سننه": (515)؛ والترمذي في "جامعه": (74)، وابن الجارود في "المنتقى":
(2)، وابن خزيمة في "صحيحه": (27)، والطبراني في "الأوسط":
(1929)، والبيهقي في "سننه الكبير ": (179).
([48]) أخرجه ومسلم في
"صحيحه": 5 / 73 (1631)، وابن حبان في "صحيحه": 7 / 286
(3016) وابن الجارود في "المنتقى": 1 / 146 (407) وابن خزيمة في
"صحيحه": 4 / 207 (2494)، والنسائي في "المجتبى": 1 / 725
(3653)، والنسائي في "الكبرى":
6 / 162 (6445)، وأبو داود في "سننه": 3 / 77 (2880)، والترمذي في
"جامعه": 3 / 53 (1376)، والدارمي في "مسنده": 1 / 462 (578)،
والبيهقي في "سننه الكبير": 6 / 278 (12759)، وأحمد في
"مسنده": 2 / 1858 (8966)، وأبو يعلى في "مسنده": 11 / 343
(6457) والطحاوي في "شرح مشكل الآثار": 1 / 228 (246).
([68]) نقله َعنْه الحافظ ابن حجر
في النكت: 2/ 712؛ و"شرح الموقظة للذهبي" لـ محمود بن محمد المنياوي:
(101).
([69]) أخرجه الطيالسي في
"مسنده": 1/ 422 (525)، وعبد الرزاق في "مصنفه": 6/ 196، (10475)؛ وسعيد بن منصور في
"سننه": 6/ 174 (527)، وابن أبي شيبة في "مصنفه": 9/ 38
(16186)، وأحمد في "مسنده": 2/ 721 (3046)، والدارمي في
"مسنده": 3/1396 (2228)، وابن ماجه في "سننه": 3/ 79 (1881)،
وأبو داود في "سننه": 2/ 191 (2085)، والترمذي في "جامعه":
2/39 (1101)، والبزار في "مسنده": 8/ 106 (3105).
([71]) أخرجه: الطيالسي في
"مسنده: 3/ 302 (1847)، وابن أبي شيبة في "مصنفه": 3/ 30 (3028)،
ومسلم في "التمييز": 189/ (59)، وابن ماجة في "سننه": 1/ 292، (902)؛ والحاكم في
"مستدركه": 1/ 399 (983).
([76]) أخرجه عبد الرزاق في
"مصنفه": 3 / 318 (5785)؛ وأحمد في "مسنده": 10 / 5635
(24153)؛ وأبو داود في "سننه": 2 / 30 (1619)؛ وابن خزيمة في
"صحيحه": 4 / 145 (2410)؛ والطحاوي في "شرح معاني الآثار": 2
/ 45 (3124).
([81]) أخرجه ابن أبي شيبة في
"مصنفه": 2 / 213 (1797)، والنسائي في "الكبرى": 3 / 291
(3029)، وأحمد في "مسنده": 7 / 3777 (17306)، وأبو داود في
"سننه": 1 / 17 (47)، والبيهقي في "سننه الكبير": 1 / 37 (157)،
والبزار في "مسنده": 9 / 222 (3767)، والطبراني في "الكبير":
5 / 244 (5224)، والترمذي في "جامعه" (1 / 74) برقم: (23).
إرسال تعليق