قواعد الأولين التعامل
مع الصفات
معلوم للمسلمين عامة وطلاب العلم والعلماء
خاصة أنَّ أهل السنة والجماعة لهم قواعد ثلاث في التعامل مع باب الأسماء والصفات:
القاعدة الأولى: الإيمان بما وردت
به نصوص القرآن والسنة الصحيحة من أسماء الله وصفاته إثباتاً ونفياً.
القاعدة الثانية: تنزيه الله جل
وعلا عن أن يشبه شيء من صفاته شيئاً من صفات المخلوقين.
القاعدة الثالثة: قطع الطمع عن
إدراك كيفية اتصاف الله بتلك الصفات.
وهذه القواعد الثلاث هي التي تفصل وتميز
عقيدة أهل السنة في هذا الباب عن عقيدة أهل التعطيل من الفلاسفة وأهل الكلام من
جهة، وعن عقيدة أهل التمثيل من الكرامية والهشامية وغيرهم من جهة أخرى([1]).
وعليه فإن أهل السنة والحديث يقولون أن هناك قواعد عامة في
هذا الباب يجب رعايتها حتى نكون في دائرة النجاة من التورط في مزالق الضلال التي
وقعت فيها الفِرق المختلفة؛ لأننا نجد منهم من غلا في الإثبات حتى مثل الله بخلقه،
ووقع في حمأة التشبيه. ومنهم من غلا في النفي والتعطيل حتى أدى به ذلك إلى جحد
الذات نفسها واعتبارها عدمًا لا وجود له. ومنهم من أثبت الأسماء دون الصفات تحكما
بلا دليل. ومنهم من أثبت بعض الصفات دون بعض، جريًا وراء وهم فارغ لا أصل له.
ولم يكن لهذا الضلال
كله من سبب؛ إلا الإعراض عن هدي الكتاب والسنة، والتصرف في نصوصهما بالتأويلات
الفاسدة، والجري وراء الظنون الكاذبة، بدعوى أنها عقليات لا تقبل النقض والقول على
الله سبحانه بلا علم([2]).
أن كل ما ثبت لله من
الصفات فهو ثابت له على جهة الكمال المطلق الذي هو أقصى ما يمكن من الكمال، بحيث
لا يكون وراءه كمال آخر ولا يمكن أن يعرض لها النقص بوجه من الوجوه فهو سبحانه له
المثل الأعلى في كل ما ثبت له من الأسماء والصفات، ولا يمكن أن يكون هذا المثل لأحد
سواه. فصفاته وجدت كاملة، ولم تكن ناقصة، ولا يمكن أن يطرأ عليها النقص الذي قد
يطرأ على صفات المخلوقين. فحياته سبحانه أكمل حياة لأنها من لوازم ذاته، فهي أقدم
حياة وأدوم حياة وأقوى حياة. ولا يمكن أن تسبق بموت ولا أن يلحقها موت، قال تعالى:
{وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَيِّ ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ ...٥٨}([3])، قد جاء في الحديث: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ،
الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ
يَمُوتُونَ"([4]).
جمع وترتيب وتعليق
يوسف طه السعيد
إرسال تعليق