iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام

تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام

تقديم

لا شك أن تطوير العلاقات الإنسانية يُعتبر من أهم المبادئ والقيم الاساسية التي دعا إليها الإسلام، ولم يتركنا الشارع الحكيم دون توجيه وتقعيد لثوابت هذا الباب العظيم، بل شرع للمسلمين قواعداً وأسسًا تنظم وترتب علاقتهم مع بعضهم البعض ومع غيرهم، بهدف تحقيق التعايش السلمي والمودة والرحمة بين الناس على ضوء ما شُرِّع لنا. وقد جاءت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء لتؤكد أهمية هذا المفهوم الكبير الذي يُطلق عليه بالعلاقات وتعزز أهميتها، ومن هذه المفاهيم:

 أولًا: مفهوم العلاقات الإنسانية في الإسلام

إن العلاقات الإنسانية والاجتماعية في الإسلام تشتمل على جميع أنواع التفاعل والتواصل والشراكات بين الأفراد داخل المجتمعات، سواء كانت علاقات أسرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو حتى علاقات المسلمين مع غير المسلمين. وتقوم هذه العلاقات على مبادئ العدل، والإحسان، والصدق، والتسامح، والتعاون.

ثانيًا: الأسس الشرعية لتطوير العلاقات الإنسانية

1. العدل والإحسان

إن العدل والإحسان من أهم الأسس التي تقوم عليها العلاقات العامة، وهي المعيار السوي في سلوكيات الافراد والجماعات فيما بينها، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾([1]). فالعدل يضمن حقوق الأفراد في المجتمعات، بينما الإحسان فهو من أهم القيم التي تعزز من مشاعر المودة والرحمة بينهم.

قال الشاعر:

أَحسِنْ إلى الناسِ تَسْتَعبِدْ قلوبَهُمُ

 

فطالما استعبدَ الإحسانُ إنسانَا

وإن أسأتَ فَلا تَظنَّنْهُمُ غُفُرًا

 

فَإِنَّها لَحظَةٌ تَبقَى وَخُذلانَا

وقال أخر:

أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ

 

فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ

وإنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في

 

عُروضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وغُفرانُ

2. حسن الخلق

كذلك من أهم الأسس والمرتكزات في العلاقات الإنسانية حُسن الخلق، وقد بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام هذه الركيزة الهامة بقوله ﷺ: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا"([2]). وهذا عام يستغرق حُسن الخلق مع الجميع.

قال الشاعر:

إذا صاحبتَ في الدنيا فَصَاحِبْ

 

بِحُسنِ الخُلقِ مَن هُوَ ذا وفاءِ

ولا تُصَاحِبْ أخا الجهلِ فإنَّهُ

 

عَدُوٌّ لنَفْسِهِ مَولى الشَّقاءِ

3. التسامح والعفو

التسامح والعفو قيمة عظيمة وكبيرة، ليس لكل إنسان العمل بها، لذلك حث عليها الشارع الحكيم، فقال جل جلاله: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"([3]). ويقول النبي ﷺ: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"([4]).

4. التعاون والتكافل الاجتماعي

لا يخفى على كبير علم القارئ أن الإسلام حثَّ على التعاون بين الناس لما فيه من مصلحة عامة، قال الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"([5]). وقال النبي ﷺ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"([6]).

ثالثًا: وسائل تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام

1. حسن الظن وتجنب سوء الظن

من أهم الوسائل في تطوير العلاقات وتنميتها وتقويتها هو حُسن الظن، ومن أكثر وأكبر ما يهدم العلاقات ويمزقها هو سوء الظن، وقد حثنا الشرع الحيف إلى هذه القيمة وأرشدنا إليها، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾([7]).

2. الإصلاح بين الناس

الإصلاح بين الناس فضيلة تحتاج إلى طول بال وسِعة صدر وحكمة عالية، وهذه الفضيلة يترتب عليه أثر كبير في تسوية العلاقات العامة بين الافراد، قال النبي ﷺ: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة"([8]).

3. الكلمة الطيبة

إن للكلمة أثر كبير في نفوس الناس، فكم من كلمة جبرت قلوب مكلومة، ومزقت أُسر عامرة، وجمعت بين متضادين، وشتَّت مجتمعين، لذك لم يهمل الشارع الحكيم هذا الجانب بل حثنا إليه وجعلها مما تُكتب لأجله الأجور، قال النبي ﷺ: "والكلمة الطيبة صدقة"([9]).

رابعًا: من أقوال العلماء حول تطوير العلاقات الإنسانية

لم يغفل العلماء عن هذا الجانب المهم الذي تقوم عليهم سلامة المجتمعات، وكانت لهم كتابات تحث على تطوير العلاقات وتحسينها وتثبيت أواصرها، قال النووي رحمه الله: "حسن الخلق هو بذل المعروف، وكف الأذى، وطلاقة الوجه، وكثرة الحياء، والصبر، وحسن المعاشرة". وقال ابن القيم رحمه الله: "الدين كله خُلق، فمن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك في الدين". وقال الغزالي رحمه الله: "التواصل والتراحم بين الناس من أعظم مقاصد الدين، وهو أصل في استقامة المجتمعات". وقال ابن تيمية رحمه الله: "المؤمن مأمور بالصبر والتسامح، والتعامل بالحسنى مع جميع الناس، وهذا من أعظم أسباب التأليف بين القلوب".

ختاماً

من خلال ما سبق صار معلوماً أن تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام يقوم على قواعد راسخة من الأخلاق والعدل والإحسان والتسامح، وهذه القواعد ينتج عنها تحقيق مجتمعات متماسكة يسودها الحب والاحترام. يحتم ذلك على المسلم أن يكون مطالب بالعمل بمقتضى هذه المبادئ في جميع تعاملاته الدنيوية والاخروية ليكون قدوة حسنة يُقتدى ويُحتذى به في مجتمعه، مستندًا ومستمداً ذلك من توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء.

 

وكتبه

يوسف طه السعيد

  

جدول المحتويات

تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام. 3

تقديم 3

أولًا: مفهوم العلاقات الإنسانية في الإسلام. 3

ثانيًا: الأسس الشرعية لتطوير العلاقات الإنسانية 3

1. العدل والإحسان. 3

2. حسن الخلق. 4

3. التسامح والعفو 5

4. التعاون والتكافل الاجتماعي. 5

ثالثًا: وسائل تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام. 5

1. حسن الظن وتجنب سوء الظن. 5

2. الإصلاح بين الناس... 6

3. الكلمة الطيبة 6

رابعًا: من أقوال العلماء حول تطوير العلاقات الإنسانية 6

ختاماً 7

 

 



([1]) (النحل: 90)

([2]) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3559) ومسلم في "صحيحه" (2321) وابن حبان في "صحيحه" (477) والترمذي في "جامعه" (1975).

([3]) (فصلت: 34)

([4]) أخرجه البخاري في "صحيحه" (6114) ومسلم في "صحيحه" (2609).

([5]) (المائدة: 2)

([6]) أخرجه البخاري في "صحيحه" (52) ومسلم في "صحيحه" (1599).

([7]) (الحجرات: 12)

([8]) أخرجه أحمد في "مسنده" (28156) وأبو داود في "سننه" (4919) والترمذي في "جامعه" (2509) والبزار في "مسنده" (4109) وابن حبان في "صحيحه" (5092). قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ".

([9]) أخرجه البخاري في "صحيحه" (2707)، ومسلم في "صحيحه" (1009).


التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث