iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

طلاق المخطوبة قبل الدخول بها

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

طلاق المخطوبة قبل الدخول بها

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

إذا طُلِّقت المخطوبة قبل الدخول بها، فإنها لا عدّة عليها باتفاق الفقهاء، وذلك استنادًا إلى نص القرآن الكريم. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا([1]).

توضيحات:

المقصود بالنكاح هنا: العقد الشرعي.

الطلاق قبل الدخول: إذا وقع الطلاق بعد العقد الشرعي وقبل الدخول، فإن المرأة لا تعتدّ، إذا لم يكن هناك خلوة صحيحة.

وفي هذه الحالة، يحق لها نصف المهر إذا كان قد تم تسميته في العقد، وفقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ([2]).

أما إذا حصلت الخلوة [الصحيحة] بين الزوجين بعد العقد الشرعي، فإن العلماء اختلفوا في حكم العدة إذا طُلِّقت المرأة قبل الدخول الحقيقي (أي الجماع). والقول المعتمد عند الجمهور يتعلق بتفصيلين:

الخلوة الصحيحة وتأثيرها:

ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه إذا حصلت خلوة صحيحة بين الزوجين، فإنها تأخذ حكم الدخول، أي تجب عليها العدة إذا طُلِّقت، وتستحق المهر كاملًا.

دليلهم:

أن الخلوة الصحيحة مظنة الدخول، ويُحتمل أن يكون قد وقع الجماع. فيُعطى حكمه احتياطًا.

وذهب المالكية والشافعية في قول معتمد عندهم إلى أنَّ الخلوة وحدها لا تُوجب العدة، فلا عدة إلا إذا وقع الدخول الحقيقي (الجماع).

دليلهم:

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ([3]).

وقالوا في قوله: ﴿أن تَمَسُّوهُنَّ﴾ نصّ صريح في الجماع، فلا تكفي الخلوة وحدها.

ما المقصود بالخلوة الصحيحة؟

هي أن يجتمع الزوجان في مكان [يأمنان فيه من اطلاع الناس عليهما]، بحيث تتوفر فيهما القدرة على الجماع. أما إذا كان اللقاء في أماكن عامة كالأسواق والحدائق فلا تعتبر خلوة ولا عدة عليها.

 

فإذا طلق الزوج امرأته قبل الدخول أو الخلوة، فقد بانت منه ولا يملك رجعتها إلا بعقد جديد، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا.

أما إذا طلقها بعد [الخلوة الصحيحة] ـ وهي الخلوة التي يمكن فيها الوطء عادة ـ فبعض أهل العلم يجعل لهذه الخلوة حكم الدخول، ويجعل للزوج حق الرجعة في العدة، وهو قول الحنابلة. وبعضهم يجعل له الرجعة إذا أقر بجماعها، وهذا قول الحنفية. وبعضهم لا يجعل له الرجعة إلا إذا أقر هو وزوجته بالوطء، وهذا قول المالكية.

نصوص الفقهاء في المسألة:

قال الخرقي الحنبلي ـ رحمه الله ـ في مختصره: "وَإِذَا خَلَا بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَقَالَ: لَمْ أَطَأْهَا وَصَدَّقَتْهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِمَا وَكَانَ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الدُّخُولِ، فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمَا، إلَّا فِي الرُّجُوعِ إلَى زَوْجٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، أَوْ فِي الزِّنَى، فَإِنَّهُمَا يُجْلَدَانِ، وَلَا يُرْجَمَانِ". اهـ.

وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: "حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمَا، يَعْنِي فِي حُكْمِ مَا لَوْ وَطِئَهَا، مِنْ تَكْمِيلِ الْمَهْرِ، وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَتَحْرِيمِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا إذَا طَلَّقَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ لَهُ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا". اهـ.

وقال السرخسي الحنفي رحمه الله: "وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ، وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَدْخُلْ بِهَا، فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْبَيْنُونَةِ وَسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الرَّجْعَةِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ". اهـ.

وقال ابن نجيم الحنفي ـ رحمه الله: "وفيها لو قال بعد الخلوة بها وطئتك، وأنكرت، فله الرجعة، وإن أنكر الزوج الوطء لا رجعة له". اهـ.

وقال المواق المالكي رحمه الله: "تثبت الرجعة بالخلوة وتصادقهما على الإصابة". اهـ.

وقال الدسوقي المالكي رحمه الله: "أَيْ خَلْوَةٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدَيْنِ، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارَرَ الزَّوْجَانِ بِالْإِصَابَةِ". اهـ.

 

والله أعلم.



([1]) (سورة الأحزاب: 49).

([2]) (سورة البقرة: 237).

([3]) (الأحزاب: 49).

التصنيفات

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث