iqraaPostsStyle6/recent/3/{"cat": false}

ويلٌ لمن قطع رحمَه، ونسى يومَ تُقطعُ فيه الأرحامُ من كتابِ الأعمال

الكاتب: يوسف طه السعيدتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 

ويلٌ لمن قطع رحمَه، ونسى يومَ تُقطعُ فيه الأرحامُ من كتابِ الأعمال([1])

دون تقديم طويل، ولا مجاملة وتعليل، بل القول القاطع، والحق الساطع، فأقول:

لعلّك تجد بين ثنايا هذه الرسالة كلماتٍ صارخة، وعباراتٍ لاذعة، ولهجةٍ لا تخلو من الشدة والغلظة في مواضعها، ولعلك تسأل: لِمَ كل هذا؟ وهل في النصح موضع للخشونة؟

فأجيبك، معتذرًا لا خاضعًا، ومبينًا لا متراجعًا:

أيا قاطعَ الرحم، بأي وجهٍ تلقى الله؟! وبأي قلبٍ جفوتَ أرحامَكَ وهم شريانُ وجودِك؟! أتريدها دليلاً من كتاب أو سنة؟!!!

أما علمتَ أن يدَ القطيعة مسمومة، ودمعتَها مظلومة، ودعوتَها مستجابة؟!  أما قرأتَ في كتابِ الله: ﴿فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم﴾؟!([2]) لُعنوا، لأنهم هدموا بنيانَ القربى، وقطعوا حبالَ المحبة، وأطفؤوا مصابيحَ الوصل!

أما تستحي؟! تصدُّ عن والدٍ أفنى عمره يخرج في قيظ الهجير وزمهرير الشتاء، يكدُّ ويشقى ليأتيكَ بلقمةٍ وكسوةٍ ودفءٍ، وتديرُ ظهرك لأمٍّ حملتك، وأخٍ نشأتَ معه، وعمٍّ رعَاك، وخالٍ أحبّك، ثم تمضي في الحياةِ كأنك وحيدٌ لا جذور لك؟!

أتراك خلقتَ نفسك، أم جعل الله لك سبباً اسمه الرحم؟!

أم نسيتَ أن الرحمَ مُعلّقةٌ بالعرش تقول: " مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ"؟!([3]).

أيا من هجرتَ، ونسيتَ، وتناسيتَ، أتدري أنك تعيشُ وأنت ميت؟! تقطعُ الرحم وتنتظرُ بركة؟! وكيف تُباركُ يدٌ قطعتْ وداً، وخذلتْ حبّاً، ونكثتْ عهداً؟!

إن صلةَ الرحمِ سببٌ لطول العمر، وسعة الرزق، كما جاء في الحديث: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"([4]).

أم تريد دليل عقلٍ، ليصرخ في وجهِك ويقول: كيف ترجو الخير وأنت تُجففُ منابعَه؟!

وكيف تطلبُ النصرة وأنت أول من هجر أقربَ الناس إليك؟! وهل تُرجى النجاة لمن طمس معالمَ القرابة؟!

يا قاطع الرحم، كم أبكيتَ أمًّا تترقّبُ اتصالك! وكم أدمَيتَ قلبَ أخٍ يشتاقُ سلامك! وكم جفوتَ أهلَك يوم ضاقتْ الدنيا بغيرهم! أما علمتَ أن القطيعة داءٌ، لا يورثُ إلا الشقاء، وأن من يزرعُ الجفاءَ لا يحصدُ إلا العداوةَ والبغضاء؟!

عُدْ إلى رحمك قبل أن يُقال: مات وقطيعته في رقبته! وصلْ من قطعْت، واعتذرْ لمن هجرت، واغسل قلبَك من أدرانِ الكبرِ والعناد، فـ"الراحمونَ يرحمهم الرحمن"، وأنت عن الرحمة أبعد ما تكون.

صِل رحمَك قبل أن تُصلى بنارِ القطيعة في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم.

اللهم ارزقنا قلوبًا تلين لأرحامنا، وألسنةً تفيض ودًا وسلامًا لمن بهم جمعتنا.

اللهم لا تجعل فينا قاطعًا، ولا بيننا مهجورًا، وارزقنا صلةً ترضيك وتقرّبنا إليك.

وكتبه

يوسف طه السعيد

 



([1]) يا من هجرتَ أهلك، تأمل: كما قطعتَ رحمك، فسيُقطع اسمُك من كتاب أهل الرحمة، وستُحرم من بركات العمل الصالح إن لم تتدارك نفسك.

([2]) [محمد: 22–23].

([3]) [رواه البخاري ومسلم].

([4]) [رواه البخاري ومسلم].

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

224647537720518772

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث